ثم قال : فعلى المشايخ وقار لله، وبهم يتأدب المريد ظاهرًا وباطنًا، قال الله تعالى :﴿أُوْلَـائِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعَام : ٩٠]، فالمشايخ، لَمَّا اهتَدْوا، أُهِّلُوا للاقتداء بهم، وجُعِلوا أئمة للمتقين، قال رسول الله ﷺ، حاكيًا عن الله عزّ وجلّ :" إذا كان الغالبُ على عبدي الاشتغال بي، جعلت همته ولذَّتهُ في ذكري، فإذا جعلت همته ولذته في ذكري، أحبني وأحببته، ورفعتُ الحجابُ فيما بيني وبينه، لا يسهو إذا سَهَا الناسُ، أولئك كلامُهُم كلام الأنبياءِ، أولئك الأبطالُ حقًا، أولئك الذين إذا أردتُ بأهلِ الأرضِ عقوبةً أو عذابًا، ذكرتُهم فصرفتُه بهم عنهم " انتهى كلامه رضي الله عنه.
٣٦٣
ومن كلام ذي النون المصري - لمّا تكلم على الأبدال - قال : فهمُهم إليه ثائرة، وأعينهم إليه بالغيب ناظرة، قد أقامهم على باب النظر من رؤيته، وأجلسهم على كراسي أطباء أهل معرفته، ثم قال لهم : إن أتاكم عليل من فقدي فداووه، أو مريض من فراقي فعالجوه، أو خائف مني فانصروه، أو آمن مني فحذّروه، أو راغب في مواصلتي فمنوه، أو راحل نحوي فزودوه، أو جبان في متاجرتي فشجعوه، أو آيس من فضلي فرجُّوه، أو راجٍ لإحساني فبشروه، أو حسن الظن بي فباسطوه، أو مُعظَّم لقدري فعظموه، أو مسيء بعد إحساني فعاتبوه، أو مسترشد فأرشدوه. هـ. وهذه صفة مشايخ التربية على ما شهدناهم، وما شهدنا إلا بما علمنا. وبالله التوفيق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦٣
قلت :﴿ولوطًا﴾ : إما مفعول بمحذوف يُفسره قوله :﴿آتيناه﴾ أي : وآتينا لوطًا، أو : باذكر. و ﴿نوحًا﴾ : مفعول باذكر.


الصفحة التالية
Icon