يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ولوطًا آتيناه حُكمًا﴾ أي : حكمة، أو نبوة، أو فصْلاً بين الخصوم بالحق، ﴿وعلمًا﴾ بِنَا وبما ينبغي علمه للأنبياء - عليهم السلام - من علم السياسة، ﴿ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائثَ﴾ ؛ اللواطة، وقذف المارة بالحصى، وغيرها، وصفت بصفة أهلها، وأسندت إليها على حذف مضاف، أي : من أهل القرية، بدليل قوله :﴿إِنهم كانوا قوم سَوْءٍ فاسقين﴾ : خارجين عن طاعة الله ورسوله. ﴿وأدخلناه في رحمتنا﴾ أي : في أهل رحمتنا، أو جنتنا، ﴿إنه من الصالحين﴾ الذين صلحت ظواهرهم وبواطنهم، فنجيناه ؛ جزاء على صلاحه، كما أهلكنا قريته ؛ عقابًا على فسادهم.
﴿و﴾ اذكر ﴿نوحًا﴾، وقدّم هؤلاء عليه ؛ لتعلقهم بإبراهيم، أي : خبره، ﴿إِذْ نادى﴾ أي : دعا الله تعالى على قومه بالهلاك، أي : اذكر نبأه الواقع وقت دعائه، ﴿من قبلُ﴾ هؤلاء المذكورين، ﴿فاستجبنا له﴾ دعاءه الذي من جملته قوله :﴿أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ [القَمَر : ١٠]، ﴿فنجيناه وأهله﴾ المؤمنين به، من ولده وقومه، ﴿من الكرب العظيم﴾، وهو الطوفان وتكذيب أهل الطغيان. وأصل الكرب : الغم الشديد، ﴿ونصرناه﴾ نصرًا مستتبعًا للانتقام، ﴿من القوم الذين كذبوا بآياتنا﴾ أي : منعناه من
٣٦٤
إذايتهم، ﴿إِنهم كانوا قومَ سَوْءٍ﴾، تعليل لما قبله، ﴿فأغرقناهم أجمعين﴾، صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأنثاهم ؛ لأن الإصرار على تكذيب الحق، والانهماك في الشر والفساد، مما يُوجب الإهلاك العام. والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon