قلت :﴿حرام﴾ : مبتدأ، وفيه لغتان : حرام وحِرْم، كحلال وحِلّ. و ﴿أنهم...﴾ الخ : خبر، أو فاعل سد مسده، على مذهب الكوفيين والأخفش. والجملة : تقرير لقوله :﴿كُلٌّ إلينا راجعون﴾، و ﴿لا﴾ نافية، أي : ممتنع على قرية أهلكناها عدمُ رجوعهم إلينا بالبعث، بل كل إلينا راجعون. وقيل :﴿لا﴾ زائدة، والتقدير : ممتنع رجوع قرية أردنا إهلاكها عن غيهم، ﴿فإنهم﴾ : على هذا : فاعل بحرام. قاله القصار. و ﴿حتى﴾ :
٣٨٠
ابتدائية، غاية لما يدل عليه ما قبلها، أي : يستمرون على ما هم عليه من الهلاك، حتى إذا قامت القيامة يرجعون إلينا، ويقولون :﴿يا ويلنا﴾. وقال أبو البقاء :﴿حتى﴾ : متعلقة في المعنى بحرام، أي : يستقر الامتناع، أي : هذا الوقت. و ﴿فإذا هي﴾ : جواب ﴿إذا﴾. وفي الأزهري : وقد يجمع بين الفاء وإذا الفجائية ؛ تأكيدًا، خلافًا لمن منع ذلك. قال تعالى :﴿فإذا هي شاخصة﴾، فإنه لو قيل : إذا هي، أو فهي شاخصة لصح. هـ. وقيل :﴿يا ويلنا﴾ : على حذف القول، أي : إذا فتحت قالوا : يا ويلهم. و ﴿اقترب﴾ : عطف على فُتحت.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وحرامٌ﴾ أي : ممتنع ﴿على﴾ أهل ﴿قريةٍ أهلكناها﴾ ؛ قدرنا هلاكها، أو حكمنا بإهلاكها ؛ لعتوهم، ﴿إنهم إلينا لا يَرجعون﴾ بالبعث والحشر، بل لا بد من بعثهم وحشرهم وجزائهم على أعمالهم. وتخصيص امتناع عدم رجوعهم بالذكر مع شمول الامتناع للكل ؛ لقوله :﴿كُلٌ إلينا راجعون﴾ ؛ لأنهم المنكِرون للبعث والرجوع دون غيرهم. وقيل : المعنى : وممتنع على قرية، أردنا إهلاكها، رجوعهم إلى التوبة، أو ممتنع على قرية، أهلكناها بالفعل، رجوعهم إلى الدنيا. وفيه رد على مذهب القائلين بالرجعة من الروافض وأهل التناسخ، على أن " لا " صلة. وقُرئ بالكسر، على أنه تعليل لما قبله، فحرام، على هذا، خبر عن مبتدأ محذوف، أي : ذلك العمل الصالح حرام على قرية أردنا إهلاكها ؛ لأنهم لا يرجعون عن غيرهم.


الصفحة التالية
Icon