قلت : أما كون الناس يُصعقون يوم القيامة، فيكون المصطفى أول من يفيق، فثابت في الصحيح، أما سبب الصعقة فقد ورد في غير البخاري :" أنه يُؤتى بجهنم، ولها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها، ثم تزفر زفرة، فلا يبقى نبي ولا ملك إلا خرّ ".. الحديث، ويؤيده قوله تعالى :﴿وَجِياءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾ [الفَجر : ٢٣] والأنبياء - عليهم السلام - بَشَر عبيد، قد تعمهم القهرية، ولا تقدح في منصبهم، وليس صعقهم خوفًا، لكن غلبة ودهشًا، كما صعق موسى - عليه السلام - عند الرؤية،
٣٨٤
ونبينا - عليه الصلاة والسلام - حين تجلى له جبريل على صورته. والله أعلم. وقال جعفر الصادق : وكيف يسمعون حسيسها، والنار تخمد بمطالعتهم، وتتلاشى برؤيتهم ؟ ثم ذكر حديث قول النار للمؤمن : جُز... الخ.
ويدل على أن هذه الحالة إنما هي بعد دخولهم الجنة، قوله تعالى :﴿وهم فيما اشتهت أَنفُسُهُم﴾ من النعيم ﴿خالدون﴾ : دائمون، والشهوة : طلب النفس للذة. وهو بيان لفوزهم بالمطالب، إثر بيان خلاصهم من المهالك والمعاطب، أي : دائمون في غاية التنعم، ﴿لا يحزنهم الفزعُ الأكبر﴾، وهو القيام من القبور عند صيحة البعث، بدليل قوله :﴿وتتلقاهم الملائكةُ﴾. قال ابن عباس :" تتلقاهم الملائكة بالرحمة، عند خروجهم من القبور "، قائلين :﴿هذا يومُكم الذي كنتم تُوعدون﴾ بالكرامة والثواب، والنعيم المقيم فيه، أي : بعد دخولكم الجنة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٤


الصفحة التالية
Icon