وقال الحسن : الفزع الأكبر : الانصراف إلى النار. وعن الضحاك : حين يُطبق على أهل النار. وقيل : حين نفخة الصعق، وقيل : حين يُذبح الموت. قلت : من سبقت له الحسنى ينجو من جميعها. وقيل : تتلقاهم الملائكة على أبواب الجنة، مُهنئين لهم قائلين :﴿هذا يومكم الذي كنتم توعدون﴾ في الدنيا، ويُبشرون بما فيه من فنون المثوبات على الإيمان والطاعات. وهذا، كما ترى، صريح في أن المراد بالذين سبقت لهم الحسنى : كافةُ المؤمنين الموصوفين بالإيمان والأعمال الصالحة، لا من ذكر ؛ من المسيح، وعُزير، والملائكة، كما قيل. قاله أبو السعود، قلت : وقد يجاب بأنها نزلت في شأنهم وتعم غيرهم ؛ لأن سبب النزول لا يخصص. والله تعالى أعلم.
الإشارة : قال الجنيد رضي الله عنه :﴿إن الذين سبقت لهم منّا الحسنى﴾ أي : سبقت لهم منا العناية في البداية، فظهرت لهم الولاية في النهاية. هـ. ﴿أولئك عنها﴾ أي : عن نار القطيعة، وهي أغيار الدنيا، مُبعدون، لا يسمعون حسيسها، ولا ما يقع فيها من الهرج والفتن، لغيبتهم عنها بالكلية في الشغل بالله تعالى، فهم فيما اشتهت أنفسهم ؛ من لذة الشهود، والقُرب من الملك الودود، خالدون دائمون، لا يحزنهم الفزع الأكبر في الدنيا والآخرة، وتتلقاهم الملائكة بالبُشرى بالوصول، هذا يومكم الذي كنتم توعدون، وهو يوم ملاقاة الحبيب والعكوف في حضرة القريب، عند مليك مقتدر. منحنا الله من ذلك الحظ الأوفر بمنّه وكرمه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٤
٣٨٥
قلت :﴿يوم﴾ : ظرف لاذكر، أو لقوله :﴿لا يحزنهم الفزع﴾، أو لتتلقاهم. والسجل : الصحيفة، والكتاب : مصدر، و ﴿كما بدأنا﴾ : منصوب بمضمر، يُفسره ما بعده، و ﴿ما﴾ : موصولة.