ثم أكد الإعادة بقوله :﴿وعدًا علينا﴾ أي : نُعيده وعدًا، فهو مصدر مؤكد لغير فعله ؛ بل لِمَا في " ﴿نعيده﴾ من معنى العِدة، أي : وعدنا ذلك وعدًا واجبًا علينا إنجازه ؛ لأنا لا نُخلف الميعاد، ﴿إِنا كنا فاعلين﴾ لما ذكرنا لا محالة، فاستعدوا له، وقدِّموا صالح الأعمال للخلاص من هذه الأهوال. وبالله التوفيق.
٣٨٦
الإشارة : إذا أشرقت على القلب شموسُ العرفان، انطوت عن مشهده وجودُ الأكوان، وأفضى إلى فضاء العيان، فلا سماء تظله ولا أرض تحمله، وفي ذلك يقول الششتري رضي الله عنه :
لقد تجلى ما كان مخبى
والكون كُلٌّ طويت طي
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٥
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ولقد كتبنا في الزَّبور﴾ كتاب داود عليه السلام، ﴿من بعْدِ الذِّكْرِ﴾ : التوراة، أو اللوح المحفوظ، ﴿أنَّ الأرض﴾ أي : جنس الأرض، يعني : مشارقها ومغاربها، ﴿يرثُها عبادي الصالحون﴾ وهم أمة نبينا محمد ﷺ، ففي الآية ثناء عليهم وبشارة لهم، وإخبار بظهور غيب تحقق ظهوره في الوجود ؛ مِن فَتْح الله على هذه الأمة مشارقَ الأرض ومغاربها، كقوله :﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ﴾ [النُّور : ٥٥]. وقال القشيري : على قوله :﴿عبادي الصالحون﴾ : هم أمة محمد - عليه الصلاة والسلام - وهم بجملتهم قوم صالحون لنعمته، وهم المطيعون، وآخرون صالحون لرحمته وهم العاصون. هـ.


الصفحة التالية
Icon