ومنكم مَن يُتوفى} قبل بلوغ الأشد أو بعده، ﴿ومنكم من يُردُّ إِلى أرذل العُمُر﴾ أي : أخسه، وهو الهرَمُ والخرف، ﴿لكيلا يعلمَ من بعد علم شيئًا﴾ أي : لكيلا يعلم شيئًا من بعد ما كان يعلمه من العلوم، مبالغة في انتقاص علمه، وانتكاس حاله، أي : ليعود إلى : ما كان عليه في أوان الطفولية، من ضعف البنية، وسخافة العقل، وقلة الفهم، فينسى ما علمه، وينكر ما عرفه، ويعجز عما قدر عليه. قال ابن عباس : من قرأ القرآن، وعمل به، لا يلحقه أرذل العمر. ثم ذكر دليلاً آخر على البعث، فقال :﴿وترى الأرض هامدةً﴾ : ميتة يابسة، ﴿فإِذا أنزلنا عليها الماء اهتزت﴾ ؛ تحركت بالنبات ﴿ورَبَتْ﴾ ؛ انتفخت ﴿وأنبتتْ من كل زوج﴾ : صنف ﴿بهيج﴾ : حسن رائق يسر ناظره.
﴿ذلك بأن الله هو الحق﴾ أي : ذلك الذي ذكرنا ؛ من خلق بني آدم، وإحياء الأرض، مع ما في تضاعيف ذلك من أصناف الحِكم، حاصل بهذا، وهو أن الله هو الحق، أي : الثابت الوجود. هكذا للزمخشري ومن تبعه، وقال ابن جُزَي : والظاهر : أن الياء ليست سببية، كما قال الزمخشري، وهو أيضًا مقتضى تفسير ابن عطية، وإنما يُقدر لها فعل يتعلق به ويقتضيه المعنى، وذلك أن يكون التقدير : ذلك الذي تقدم من خلق الإنسان والنبات، شاهد بأن الله هو الحق، وبأنه يحيي الموتى، وبأن الساعة آتية، فيصح عطف ﴿وأن الساعة﴾ على ما قبله، بهذا التقدير، وتكون هذه الأشياء المذكورة، بعد قوله :﴿ذلك﴾، مما استدل عليه بخلقة الإنسان والنبات. هـ.