قال المحشي الفاسي : ويرد عليه : أن تقديره عاملاً خاصًا يمنع حذفه، وإنما يحذف إذا كان كونًا مُطلقًا، فلا يقال : زيد في الدار، وتريد ضاحكٌ مثلاً، إلا أن يقال في الآية : دل عليه السياق، فكأنه مذكور. وعند الكواشي : ليعلموا بأن الله هو الحق. وقال القرطبي : قوله :﴿ذلك بأن الله هو الحق﴾، لمّا ذكر افتقار الموجودات إليه، وتسخيرها على وفق اقتداره واختياره، قال بعد ذلك :﴿ذلك بأن الله هو الحق﴾، نبه بهذا على أن كل ما سواه، وإن كان موجودًا ؛ فإنه لا حقيقة له من نفسه ؛ لأنه مسخر ومُصَرفٌ، والحق الحقيقي هو الموجود المطلق، الغني المطلق، وإنَّ وجود كل موجود من وجوب وجوده، ولهذا قال في آخر السورة :﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾ [الحَجّ : ٦٢]، والحق هو الوجود الثابت، الذي لا يزول ولا يتغير، وهو الله تعالى. ثم قال عن الزجاج :﴿ذلك﴾ في موضع رفع، أي : الأمر ما وُصِفَ لكم وبُيِّن ؛
٣٩٥
لأن الله تعالى هو الحق، ويجوز كونه في مَوْضِع نصب، أي : فعل ذلك بأن الله هو الحق، قادر على ما أراد. هـ.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٩٤