قلت :﴿لَمَن ضره﴾ : قال ابن عطية : جرى فيه إشكال ؛ وهو دخول اللام على " مَنْ "، وهو في الظاهر مفعول، واللام لا تدخل على المفعول. وأجيب بثلاثة أوجه ؛ أحدها : أن اللام متقدمة على موضعها، والأصل أن يقال : يدعو مَنْ لَضَرُّهُ أقرب، فموضعها الدخول على المبتدأ، وثانيها : أنَّ ﴿يدعوا﴾ تأكيد ليدعو الأول، وتم الكلام عنده، ثم ابتدأ قوله :﴿لَمَن ضره﴾، فمن مبتدأ، وخبره :﴿لبئس المولى﴾ - قلت - : وإياه اعتمد الهبطي في وقفه، وثالثها : أن معنى ﴿يدعو﴾ : يقول يوم القيامة هذا الكلام، إذا رأى مضرة الأصنام، فدخلت اللام على مبتدأ في أول الكلام. هـ.
قلت والأقرب ما قاله الزجاج، وهو : أن مفعول ﴿يدعو﴾ محذوف، ويكون ضميرًا يعود على الضلال، وجملة :﴿يدعو﴾ : حال، والمعنى : ذلك هو الضلال البعيد يدعوه، أي : حال كونه مدعوًا له، ويكون قوله :﴿لمن ضره﴾ مستأنفًا مبتدأ، خبره :﴿لبئس المولى﴾. نقله المحشي. وحكم المحلي بزيادة اللام.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ومن الناس من يعبد الله على حَرْفٍ﴾ أي : على طرف من الدين لا ثبات له فيه، كالذي ينحرف إلى طرف الجيش، فإن أحس بظفر قرَّ، وإلا فر. وفي البخاري عن ابن عباس :" كان الرجل يَقدمُ المدينة، فإن ولدت امرأتُهُ غلامًا ونُتجَتْ خَيْلُه، قال : هذا دينٌ صالح، وإن لم تَلِد امرأته، ولم تنتج خيلُه، قال : هذا الدين سُوء ". وكأن الحق تعالى سلك في الآية مسلك التدلي، بدأ بالكافر المصمم، يجادل جدالاً مجملاً، يتبع فيه كل شيطان مريد. والثاني : مقلد مجادل، من غير دليل ولا برهان، والثالث : كافر أسلم إسلامًا ضعيفًا. ثم قابل الأقسام الثلاثة بضدهم، بقوله :﴿إن الله يدخل الذين آمنوا...﴾ الآية.


الصفحة التالية
Icon