يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿إِن الله يُدخلُ الذين آمنوا﴾، وتمكنوا من الإيمان، وعبدوا الله وحده في جميع الحالات، ولم يعبدوه على حرف، ﴿وعملوا﴾ الأعمال ﴿الصالحات﴾، ﴿جناتٍ تجري من تحتها﴾ أي : من تحت قصورها ﴿الأنهارُ﴾ الأربعة. وهذا بيان حال المؤمنين العابدين له تعالى في جميع الحالات، وأنَّ الله تفضل عليهم، بما لا غاية وراءه، إثر بيان سوء حال الكفرة، من المجاهرين والمذبذبين، وأنَّ معبودهم لا ينفعهم، بل يضرهم مضرة عظيمة. ثم قال تعالى :﴿إِن الله يفعل ما يريد﴾ من الأفعال المتقنة، المبنية على الحِكَم البالغة الرائقة، التي من جملتها : إثابة من آمن به، وصدّق رسوله، وعبده على كل حال، وعقابُ من أشرك به، وكذب رسول الله، أو عبده على حرف. وبالله التوفيق.
٤٠٠
الإشارة : إن الله يُدخل الذين آمنوا، واطمأنوا به، وعبدوه في جميع الحالات، وقاموا بعمل العبودية في كل الأوقات، جنات المعارف، تجري من تحتها أنهار العلوم والحكم، إن الله يفعل ما يريد ؛ فيقرب هذا، ويُبعد هذا، بلا سبب ؛ " جَلَّ حُكْمُ الأزلِ أن يُضَافَ إلى العِلَلِ ". وبالله التوفيق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٠٠
يقول الحقّ جلّ جلاله : لا تظنوا أن الله غير ناصر لرسوله ﷺ ؛ بل هو ناصر له في الدنيا والآخرة لا محالة، فمن كان ﴿يظن أن لن ينصرهُ الله في الدنيا والآخرة﴾، ويغيظه ذلك من أعاديه وحُساده، ويفعل ما يدفع ذلك ؛ من الخدع والمكائد، فليبالغ في استفراغ المجهود، وليجاوز كل حد معهود، فعاقبة أمره أن يختنق خنقًا من ضلال مساعيه، وعدم إنتاج مقدماته ومبادئه. ﴿فليمدد بسبب إِلى السماء﴾ أي : فليمدُد حبلاً إلى سقف بيته، ﴿ثم ليقطع﴾ أي : ليختنق، من قَطعَ : إذا اختنق ؛ لأنه يقطع نفَسه بحبس مجاريه. أو : ليقطع من الأرض، بعد ربط الحبل في العنق وربطه في السقف.