﴿ومَن يُهِنِ اللهُ﴾ ؛ بأن صرفته الشقاوة عن الانقياد لأمره الشرعي، ﴿فما له من مُكرمٍ﴾ بالسعادة، أو يوم القيامة، بل يذل ويهان، ﴿إن الله يفعل ما يشاء﴾ في ملكه ؛ يُكرم من يشاء بفضله، ويُهين من يشاء بعدله، لا معقب لحكمه. اللهم أكرمنا بطاعتك ومحبتك، واجعلنا منقادين لأمرك وحكمك، ونعّمنا بحلاوة شهودك ومعرفتك، إنك على كل شيء قدير. هكذا يُدعى في هذه السجدة. وبالله التوفيق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٠٣
الإشارة : قد تجلى الحق جلّ جلاله بأسرار ذاته لباطن الأشياء، وبأنوار صفاته لظاهرها، فتعرف لكل شيء بأسرار ذاته وأنوار صفاته، فعرفه كلُّ شيء، ولذلك سجد له وسبح بحمده. وفي الحِكَم :" أنت الذي تَعَرَّفْتَ لكل شيء، فما جَهِلَكَ شيءٌ ". فظواهر الأواني ساجدة لأسرار المعاني، وخاضعة للكبير المتعالي، ولا يفقه هذا إلا من خاض بحر المعاني، ولم يقف مع حس الأواني، ولم يمتنع من الانقياد والخضوع لجلال الحق وكبريائه في الظاهر والباطن، إلا من أهانه الله من عُصاة بني آدم. ومن يُهن الله فما له من مكرم، إن الله يفعل ما يشاء.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٠٣
قلت :﴿خصمان﴾ : صفة لمحذوف، أي : فريقان خصمان، والمراد : فريق المؤمنين، وفريق الكفرة بأقسامه الخمسة. وقيل : اسم يقع على الواحد والاثنين والجماعة، والمراد هنا : الجماعة، بدليل قوله :﴿اختصموا﴾ ؛ بالجمع.


الصفحة التالية
Icon