الإشارة : جعل الحقُّ تعالى شكرَ النعم أمرين : طهارة الباطن من شرك الميل إلى السِّوى، ولسانه من زور الدعوى، وهو الترامي على مراتب الرجال قبل التحقق بها، حنيفًا موحدًا، شاكرًا لأنعمه يجتبيه ربه، ويهديه إلى صراط مستقيم. ومن يشرك بالله ؛ بأن يُحب معه غيره، فقد سقط عن درجة القرب والتحقيق، فتخطفه طيور الحظوظ والشهوات، وتهوي به ريح الهوى، في مكان سحيق. والعياذ بالله.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٠٩
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ذلك﴾ أي : الأمر ذلك، أو امتثلوا ذلك، ﴿ومن يُعَظِّمْ شعائرَ الله﴾ أي : الهدايا، فإنها معالم الدين وشعائره تعالى، كما يُنبئ عنه :﴿والبدن جعلناها لكم من شعائر الله﴾ وتعظيمها : اعتقاد التقرب بها، وأن يختارها سِمَانًا حسانًا غالية الأثمان، رُوي " أنه ﷺ أَهْدَى مِائَةَ بَدَنَةِ، فِيهَا جَمَلٌ لأَبِي جَهْلٍ، في أنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ ذَهَب ". وأن عمر رضي الله عنه - أهدى نجيبة طُلبت منه بثلاثمائة دينار -. وقيل : شعائر الله : مواضع الحج، كعرفة ومنى والمزدلفة. وتعظيمها : إجلالها وتوقيرها، والتقصد إليها. وقيل : الشعائر : أمور الدين على الإطلاق، وتعظيمها : القيام بها ومراعاة آدابها. ﴿فإِنها﴾ أي : فإن تعظيمها ﴿من تقوى القلوب﴾ أي : من أفعال ذوي
٤١٣
تقوى القلوب، فحذفت هذه المضافات. أو فإن تعظيمها ناشئ من تقوى القلوب ؛ لأنها مراكز التقوى.


الصفحة التالية
Icon