﴿وبشر المخبتين﴾ ؛ المطمئنين بذكر الله، أو المتواضعين، أو المخلصين، فإن الإخبات من الوظائف الخاصة بهم. والخَبْتُ : المطمئن من الأرض. وعن ابن عباس رضي الله عنه : هم الذين لا يظلمون، وإذا ظلموا لم ينتصروا. وقيل : تفسيره ما بعده، وهو قوله :﴿الذين إِذا ذُكرَ اللهُ وجِلَتْ قلوبُهم﴾ : خافت منه ؛ هيبة ؛ لإشراق أشعة جلاله عليها. ﴿والصابرين على ما أصابهم﴾ من مشاق التكاليف ومصائب الزمان والنوائب، ﴿والمقيمي الصلاة﴾ في أوقاتها، ﴿ومما رزقناهم يُنفقون﴾ في وجوه الخيرات.
﴿والبُدْنَ جعلناها لكم من شعائر الله﴾ أي : من أعلام دينه، وأضافها إلى نفسه ؛ تعظيمًا لها، وهي : جمع بدنة، سميت به ؛ لعظم بدنها، ويتناول الإبل والبقر والغنم. ﴿لكم فيها خيرٌ﴾ أي : منافع دينية ودنيوية، النفع في الدنيا، والأجر في العقبى. ﴿فاذكروا اسم الله عليها﴾ بأن تقولوا عند ذبحها : بسم الله، اللهم منك وإليك. حال كونها ﴿صوافَّ﴾ أي : قائمات، قد صففن أيديهن وأرجلهن. ﴿فإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ : سقطت على الأرض، وسكنت حركتها، من وجب الحائط وجبة : سقط، وهي كناية
٤١٤
عن الموت. ﴿فكُلُوا منها﴾ إن شئتم ﴿وأطعِمُوا القانعَ﴾ : السائل، مِنْ : قنع إليه قنوعًا : إذا خضع، ﴿والمُعْتَرَّ﴾ ؛ الذي يُعَرِّضُ ولا يسأل. وقيل : القانع : الراضي بما عنده وبما يُعطي من غير سؤال، والمعترَّ : المتعرض للسؤال. ﴿كذلك سخرناها لكم﴾ أي : كما أمرناكم بنحرها سخرناها لكم، أي : ذللناها لكم، مع قوتها وعظم أجرامها ؛ لتتمكنوا من نحرها، ﴿لعلكم تشكرون﴾ أي : لكي تشكروا إنعام الله عليكم.


الصفحة التالية
Icon