﴿ولولا دفعُ اللهِ الناسَ﴾ : لولا أن يدفع الله الناس ﴿بعضهم ببعض﴾ ؛ بتسليط المؤمنين على الكافرين في كل عصر وزمان، وإقامة الحدود وكف المظالم، ﴿لهُدِّمت﴾ أي لخربت ؛ باستيلاء الكفرة على الملل، ﴿صَوَامِعُ﴾ : جمع صومَعة - بفتح الميم -، وهي : متعبد النصارى والصابئين منهم، ويسمى أيضًا الدير. وسُمي بها موضع الأذان من الإسلام :﴿وَبِيَعٌ﴾ : جمع بيعة - بكسر الباء - : كنائس النصارى، ﴿وصلوات﴾ : كنائس اليهود، سميت بما يقع فيها، وأصلها : صلَوتا بالعبرانية، ثم عُربت، ﴿ومساجد﴾ للمسلمين، ﴿يُذْكَرُ فيها اسمُ الله كثيرًا﴾ أي : ذكرًا كثيرًا، أو وقتًا كثيرًا، صفة مادحة للمساجد، خُصت بها ؛ دلالةً على فضلها وفضل أهلها. وقيل يرجع للأربع، وفيه نظر ؛ فإنَّ ذكر الله تعالى في الصوامع والبيع والكنائس قد انقطع بظهور الإسلام، فَقَصْدُ بيانِه،
٤١٨
بعد نسخ شرائعها مما لا يقتضيه المقام، ولا ترتضيه الأفهام. وقدمت الثلاثة على المساجد ؛ لتقدمها وجودًا، أو لقربها من التهديم.
﴿
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤١٧
ولينصرنّ اللهُ مَن ينصره﴾
أي : وتالله، لينصرن الله من ينصر دينه ونبيه - عليه الصلاة والسلام - وأولياءه. ومن نصرِه : إشهاره وإظهاره، وتعليمه لمن لا يعلَمه، وإعزاز حامل لوائه من العلماء والأولياء. وقد أنجز الله وعده، حيث سلط المهاجرين والأنصارعلى صناديد العرب وأكاسرة العجم وقياصرة الروم، وأورثهم أرضهم وديارهم، ﴿إِن الله لقوي عزيز﴾ : غالب على ما يريد، ومن جملته : نصرهم وإعلاؤهم.


الصفحة التالية
Icon