قال القشيري :﴿ولولا دفع الله الناس﴾، أي : يتجاوز عن الأصاغر لِقَدْرِ الأكابر ؛ استبقاء لمنازل العبادة، تلك سُنَّة أجراها. ثم قال :﴿الذين إن مكّناهم في الأرض﴾، أي : لم يشتغلوا في ذلك بحظوظٍ، ولكن قاموا لأداء حقوقنا. هـ.
٤١٩
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤١٧
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وإن يُكذبوك﴾ يا مُحمد، أي : أهل مكة، فلا تحزن ؛ فلست بأول من كُذب، ﴿فقد كَذَّبت قبلهم﴾ أي : قبل قومك ﴿قومُ نوح﴾ نوحًا، ﴿وعادٌ﴾ هودًا، ﴿وثمودُ﴾ صالحًا، ﴿وقومُ إِبراهيمَ﴾ إبراهيم، ﴿وقومُ لوطٍ﴾ لوطًا، ﴿وأصحابُ مدينَ﴾ شعيبًا، ﴿وكُذِّب موسى﴾ ؛ كذَّبه فرعونُ والقبط. ولم يقل : وقوم موسى ؛ لأن موسى ما كذبه قومه بنو إسرائيل، وإنما كذبه القبطُ. أو : كأنه لمَّا ذكر تكذيب كلُّ قوم رسولهم، قال : وكُذِّب موسى، مع وضوح آياته وظهور معجزاته، فما ظنك بغيره ؟ ﴿فأمليتُ للكافرين﴾ : أمهلتهم وأخرت عقوبتهم، ﴿ثم أخذتُهم﴾ : عَاقَبْتُهم على كفرهم، أي : أخذت كل فريق من فِرَقِ المكذبين، بعد انقضاء مدة إملائه وإمهاله، ﴿فكيف كان نكير﴾ أي : إنكاري وتغييري ؛ حيث أبدلتهم بالنعم نقمًا، وبالحياة هلاكًا، وبالعمارة خرابًا، فكان ذلك في غاية ما يكون من الهول والفظاعة.


الصفحة التالية
Icon