﴿فكأيِّن من قريةٍ أهلكناها﴾ أي : كثيرًا من القرى أهلكناها وخربناها بإهلاك أهلها، ﴿وهي ظالمةٌ﴾ أي : والحال أنها ظالمة بالكفر والمعاصي، ﴿فهي خاوية﴾ : ساقطة على ﴿عروشها﴾، من خوى النجم : سقط. والمعنى أنها ساقطة على سقوفها، أي : خربت سقوفُها على الأرض، ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف. ويجوز أن يكون ﴿على عروشها﴾ : خبرًا بعد خبر، أي : فهي خالية من السكان، وهي على عروشها، أي : قائمة مشرفة على السقوف الساقطة. ﴿وبئرٍ مُعَطَّلَةٍ﴾ أي : وكم من بئر متروكة مهملة في البوادي والحواضر، لا يستسقى منها ؛ لهلاك أهلها مع توفير مائها، ﴿وقصْرٍ مَشيدٍ﴾ : مرفوع البنيان، من شاد البنيان : إذا رفعه، أو مجصّص بالشيد، أي : الجص، أي : مبنيًا بالشيد والجندل.
وقال الضحاك : كانت هذه البئر المعطلة بحضرموت، في بلدة يقال لها : حاضوراء، وذلك أن أربعة آلاف ممن آمن بصالح، ونجوا من العذاب، أتوا حضرموت، ومعهم صالح، فلما حضروا ذلك الموضع، مات صالح، فسُمي حضرموت ؛ لأن صالحًا لما حضره مات، فبنوا حاضوراء، وقعدوا على هذه البئر، فأقاموا دهرًا طويلاً، وتناسلوا حتى كثروا، ثم عبدوا الأصنام وكفروا، فأرسل
٤٢٠
الله إليهم نبيًا يقال له :" حنظلة بن صفوان "، فقتلوه فأهلكهم الله، وعطلت بئرهم وخربت قصورهم. هـ.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٢٠
وحاصل المعنى : وكم قرية أهلكناها، وكم بئر عطلناها عن سقاتها، وقصر مشيد أخليناه عن ساكنه، أي : أهلكنا البادية والحاضرة جميعًا، فخلت القصور عن أربابها، والآبار عن روادها. فالأظهر أن البئر والقصر على العموم.


الصفحة التالية
Icon