الإشارة : ما سلّى به الرسل - عليهم السلام - تسلى به الأولياء - رضوان الله عليهم - فتكذيب أهل الخصوصية سُنَّة ماضية، غير أن مُكذبي الرسل يُعاجَلون بالعقوبة، ومكذبي الأولياء يعاقبون بالبعد والحجاب. وقال القشيري :﴿وبئر معطلة﴾، الإشارة إلى العيون المفجرة من بواطنهم، ﴿وقصر مشيد﴾ ؛ الإشارة إلى تعطيل أسرارهم عن ساكنيها، من الهيبة والأنس وسائر المواجيد. هـ. قلت : وكأنه فسر القرية بالقلب، وهلاكه : خلاؤه من نور التوحيد، فقلوب الغافلين خاوية على عروش عقولهم، المطموس نورها، وعيون بواطنهم معطلة من الفكرة، وأسرارهم خاربة من نور النظرة. والله تعالى أعلم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٢٠
قلت :﴿أفلم﴾ : الفاء عطف على مقدار ؛ أي أَغفلوا فلم يسيروا فيعتبروا، ﴿فإنها﴾ : ضمير القصة، أو مبهم يُفسره ما بعده. و ﴿لن يخلف الله وعده﴾ : حالية، أي : ينكرون مجيء العذاب الموعود، والحال : أنه تعالى لا يخلف وعده، أو اعتراضية مُبينة لما ذكر، و ﴿إنَّ يومًا﴾ : استئنافية، إن كانت الأولى حالية، ومعطوفة، إن كانت اعتراضية سيقت لبيان خطئهم.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿أَفَلَمْ يسيروا في الأرض﴾ فيروا مصارعَ من أهلكهم اللهُ بكفرهم، ويشاهدوا آثارهم الدارسة وقصورهم الخالية، وديارهم الخربة، فيعتبروا. وهو حث لهم على السفر ليشاهدوا ذلك. ﴿فتكون لهم﴾ ؛ بسبب ما شاهدوه من مظان الاعتبار ومواطن الاستبصار ﴿قلوبٌ يعقلون بها﴾ ما يجب أن يُعقل من التوحيد ونحوه، ﴿أو آذانٌ يسمعون بها﴾ ما يجبُ أن يُسمع من الوحي أو من أخبار الأمم المهلكة ممن يجاورُهم من الناس ؛ فإنهم أعرف بحالهم. قال ابن عرفة : لما تضمن الكلام السابق إهلاك الأمم السالفة، وبقيت آثارهم خرابًا، عقبه بذم هؤلاء في عدم اتعاظهم بذلك.
٤٢١