جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٢٨
ذلك بأن الله هو الحقُّ} الواجب لذاته، الثابت في نفسه، الواحد في صفاته وأفعاله، فإن وجوب وجوده ووحدته يقتضيان كونه مُبديًا لكل ما يوجد من الموجودات، عالمًا بكل المعلومات. وإذا ثبت أنه الحق فدينُه حق، وعبادته حق، ﴿وأن ما تدعون من دونه﴾ إلهًا ﴿هو الباطل﴾ ي : المعدوم في حد ذاته. أو الباطل ألوهيته، ﴿وأن الله هو العليُّ الكبيرُ﴾ أي : المتعالي عن مدارك العقول، وعن سمات الحدوث، أو المرتفع على كل شيء بقهريته، أو المتعالي عن الأنداد والأشباه، الكبير شأنًا وعظمةً وكبرياء ؛ إذ كل شيء يصغر دون كبريائه، فلا شيء أعلى منه شأنًا وأكبر سلطانًا ؛ لأن له الوجود المطلق. والله تعالى أعلم.
الإشارة : ومن عاقب نفسه وجاهدها وأدَّبها في أيام اليقظة، بمثل ما عاقبته وجنت عليه وطغت في أيام الغفلة، ثم صرعته بعد ذلك وغلبته ؛ لينصرنه الله عليها، حتى يغلبها ويملكها، فكلما هاجت عليه هجم عليها، حتى يملكها ؛ ذلك بأن الله يُولج ليلَ المعصية في نهار الطاعة، ويولجُ نهارَ الطاعة في
٤٢٩
ليلِ المعصية، أي : يدخل أحدهما على الآخر، فلا يزال العبد يعصي ويطيع حتى يمنَّ عليه بالتوبة النصوح. أو يولج ليل المعصية في نفس الطاعة، فتنقلب الطاعة معصية، إذا صحبها علو واستكبار. ويولج نهار الطاعة في عين المعصية، فتنقلب طاعة إذا صحبها ذل وافتقار. ذلك بأن الله هو الحق، وأن ما دونه باطل.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٢٨