جزء : ٥ رقم الصفحة : ٦٣
يقول الحق جل جلاله :﴿الخبيثاتُ﴾ من النساء ﴿للخبيثين﴾ من الرجال، ﴿والخبيثون﴾ من الرجال ﴿للخبيثات﴾ من النساء. وهذه قاعدة السنة الإلهية، أن الله
٦٤
تعالى يسوق الأهل للأهل، فمن كان خبيثاً فاسقاً يُزوجه الله للخبيثة الفاسقة مثله، ومن كان طيباً عفيفاً رزقه الله طيبة مثله. وهو معنى قوله تعالى :﴿والطيباتُ﴾ من النساء ﴿للطيبين﴾ من الرجال ﴿والطيبون﴾ من الرجال، ﴿للطيباتِ﴾ من النساء، فهذا هو الغالب.
وحيث كان - عليه الصلاة والسلام - أطيب الأطيبين، وخيرة الأولين والآخرين، تبين كون الصديقة - رضي الله عنها - من أطيب الطيبات، واتضح بطلان ما قيل فيها من الخرافات، حسبما نطق به قوله تعالى :﴿أولئك مبرؤون مما يقولون﴾، على أن الإشارة إلى أهل البيت، المنتظمين في سلك الصِّدِّيقِيَّةِ انتظاماً أولياً، وقيل : إلى رسول الله ﷺ والصدِّيقة وصفوان، وما في أسم الإشارة معنى البُعد، للإيذان بعلو رتبة المشار إليهم، وبُعْدِ منزلتهم في الفضل، أي : أولئك الموصوفون بعلو الشأن : مبرؤون مما يقوله أهله الإفك في حقهم من الأكاذيب الباطلة.
وقيل :(الخبيثات) من القول تقال (للخبيثين) من الرجال والنساء، أي : لائقة بهم، لا ينبغي أن تقال إلا لهم. (والخبيثون) من الفريقين أَحِقَّاءُ بأن يُقَالَ في حقهم خبائث القول. (والطيبات) من الكلم (للطيبين) من الفريقين، مختصة بهم، وهم أحقاء بأن يقال في شأنهم طيبات الكلم. ﴿أولئك﴾ الطيبون ﴿مبرؤون﴾ مما يقول الخبيثون في حقهم.
فمآله تنزيه الصديقة أيضاً. وقيل : الخبيثات من القول لا تصدر إلا من الخبيثين، والطيبات من الكلمات لا تصدر إلا من الطيبين، وهم مبرؤون مما يقوله أهل الخبث، لا يقع ذلك منهم أَلْبَتَّةَ، ﴿لهم مغفرة﴾ لما لا يخلو عنه البشر من الذنب، ﴿ورزق كريم﴾ ؛ هو نعيم الجنان.


الصفحة التالية
Icon