﴿والصالحين﴾ أي : الخيّرين، أو : مَنْ يصلح للتزوج، ﴿من عِبَادِكم وإمائِكم﴾ أي : من غلمانكم وجواريكم، والأمر : للندب ؛ إذ النكاح مندوب إليه، والمخاطبون : ساداتهم. ومذهب الشافعي : أن السيد يُجبَر على تزويج عبيده، لهذه الآية، خلافاً لمالك، ومذهب مالك : أن السيد يَجْبُر عبدَه على النكاح، خلافاً للشافعي. واعتبار الصلاح في الأَرِقَّاءِ : لأن مَنْ لاَ صَلاَحَ له بمعزلٍ من أن يكون خليقاً بأن يَعْتَنِيَ مولاه بشأنه، وأيضاً : فالتزويج يحفظ عليه صَلاَحَهُ الحاصل، وأما عدم اعتبار الصلاح في الأحرار والحرائر ؛ لأن الغالب فيهم الصلاح، على أنهم مستبدون بالتصرف في أنفسهم وأموالهم، فإذا عزموا النكاح فلا بد من مساعدة الأولياء لهم.
وقيل : المراد بالصلاح : صلاحهم للتزوج، والقيام بحقوقهم، فإن ضَعُفُوا ؛ لم يُزَوَّجُوا. ونفقة العبد على سيده ؛ إن زَوَّجَه، أو أَذن له، وإلا خُيِّر فيه.
ثم قال تعالى :﴿إن يكونوا فقراءَ﴾ من المال ﴿يُغْنِهِمُ الله من فضله﴾ بالكفاية والقناعة، أو باجتماع الرزقين. وفي الحديث :" التمسوا الرزق بالنكاح " وقال ابن عجلان : أن رجلاً أتى النبي ﷺ فشكا إليه الحاجة، فقال :" عليك بالباءة "، أي : التزوج. وكذلك قال أبو بكر وعمر وعثمان لمن شكى إليهم العَيْلَةَ، متمسكين بقوله تعالى :﴿إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم﴾، فبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، حسبما تقتضيه المشيئة والحكمة والمصلحة. فالغِنَى، للمتزوج، مقيد بالمشيئة، فلا يلزم الخلف بوجود من لم يستغن مع التزوج، وقيل : مقيد بحسن القصد، وهو مغيب. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٧١


الصفحة التالية
Icon