شيخ كامل، فإذا انعقدت الصحبة بينها وبين الشيخ، قذف نطفة المعرفة في الروح أو القلب أو النفس، ثم يربيها في مشيمة الهِمَّة، ثم في حَضَانة الحفظ والرعاية، فَيَظْهَرُ منها نِتاجُ اليقين والعلوم والأسرار والمعارف، وأما إن بقيت أيامَى ؛ لا زوج لها، فلا مطمع في نِتَاجها، قال تعالى :﴿وأَنْكِحوا الأيامى منكم﴾، وهي الأرواح، والصالحين من قلوبكم، ونفوسكم، إن يكونوا فقراء ؛ من اليقين، والمعرفة بالله، يغُنهم الله من فضله ؛ بمعرفته، والله واسع عليم، وليتعفف، عن المناكر، الذين لا يجدون من يأخذ بيدهم، حتى يغنيهم الله من فضله ؛ بالسقوط على شيخ كامل ؛ فإنه من فضل الله ومنته، لا يسقط عليه إلا من اضْطُرَّ إليه، وصَدَقَ الطلبَ في الوصول إليه. وبالله التوفيق.
ولما أمر بتزوج العبيد، أمر بمكاتبتهم، فقال :
﴿... وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِىا آتَاكُمْ...﴾.
قلت : الكتاب هنا : مصدر، بمعنى الكتابة. وهي : مقاطعة العبد على مال مُنَجَّمٍ، فإذا أداه ؛ خرج حراً، وإن عجز، ولو عن نصف درهم، بقي رقيقاً.
يقول الحق جل جلاله :﴿والذين يَبْتَغُون الكتابَ﴾ أي : والمماليك الذين يطلبون الكتابة ﴿مما ملكتْ أيمانُكم﴾ ؛ من عبيدكم ﴿فكاتِبُوهُم﴾، والأمر للندب، عند مالك والجمهور، وقال الظاهرية وغيرهم : على الوجوب، وهو ظاهر قول عمر رضي الله عنه لأنس بن مالك، حين سأله مملوكه سيرين الكتابة، فأبى عليه أنس، فقال له عمر : لتكاتبنه، أَوْ لأُوجِعَنَّكَ بالدِّرَّةِ. وإنما حمله مالك على الندب ؛ لأن الكتابة كالبيع، فكما لا يجبر على البيع لا يجبر عليها.


الصفحة التالية
Icon