وللأمة : فتاة. والجمع : فتيات، ﴿على البغاء﴾ أي : الزنا، وهو خاص بزنا النساء. كان لابن أُبيِّ ست جوار : مُعَاذَة، ومُسَيْكَة، وأميمة، وعَمْرَة، وأَرْوَى، وقُتَيْلَة، وكان يكرههن، ويضرب عليهن الضرائب لذلك، فشكتِ ثنتان منهن إلى رسول الله ﷺ، فنزلت الآية.
وقوله تعالى :﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً﴾ أي : تعففاً، ليس قيداً في النهي عن الإكراه، بل جرى على سبب النزول، فالإكراه : إنما يُتَصَوَّرُ مع إرادة التَّحَصُّنِ ؛ لأن المطيعة لا تسمى مكرهة، ثم خصوص السبب لا يُوجب تخصيص الحُكم على صورة السبب، فلا يختص النهي عن الإكراه بإرادة التعفف، وكذلك الأمر بالزنا، والإذن فيه لا يُبَاحُ ولا يجوز شيء من ذلك للسيد، وما يقبض من تلك الناحية سُحْتٌ وربا. وفيه توبيخ للموالي ؛ لأن الإماء إذا رغبن في التحصن ؛ فأنتم أولى بذلك، ثم علل الإكراه بقوله :﴿لتبتغوا عَرَض الحياةِ الدنيا﴾ أي : لتبتغوا بإكراهن على الزنا أجورهن وأولادهن، جيءَ به ؛ تشنيعاً لهم على ما هم عليه من أحمال الوزر الكبير لأجل النزر الحقير، أي : لا تفعلوا ذلك لطلب المتاع السريع الزوال، الوشيك الاضمحلال. ﴿ومن يُكْرِههُنَّ﴾ ؛ على ما ذُكِرَ من البغاء، ﴿فإن الله من بعد إكرَاهِهِنَّ غفورٌ﴾ لهن ﴿رحيمٌ﴾ بهن، وفي مصحف ابن مسعود كذلك. وكان الحسن يقول : لهن والله. وقيل : للسيد إذا تاب. واحتياجهن إلى المغفرة المنبئة عن سابقة الإثم : إما اعتبار أنهن - وإن كن مُكْرَهَاتٍ - لا يخلون في تضاعيف الزنا من شائبة مطاوعة ما، بحكم الجِبِلَّةِ البشرية، وإما لغاية تهويل أمر الزنا، وحث المكرهات على التثبت في التجافي عنه، والتشديد في تحذير المكرِهِينَ ببيان أنهن حَيْثُ كُنَّ عُرْضَةً للعقوبة، لولا أن تداركهن المغفرة، الرحمة، مع قيام العذر في حقهن، فما بالك بحال من يكرههن في استحقاق العقاب ؟