الأشياء وظهرت من العدم، ولذلك قال قائلهم :
فَالنُّورُ يُظْهِرُ مَا تَرَى مِنْ صُورَةٍ
وبه ظهور الكَائِنَاتِ بِلاَ امْتِرَاءِ
وفي لطائف المنن : الله نور السموات والأرض ؛ نور سموات الأرواح بمشاهدته، ونور أرض النفوس بمطالعته وخدمته، وجعل قلوب أوليائه مَجْلاَةً لذاته ولظهور صفاته، أظهرهم ليظهر فيهم خصوصاً، وهو الظاهر في كل شيء عموماً، ظهر فيهم بأنواره وأسراره، كما ظهر فيهم، وفيما عداهم بقدرته واقتداره. هـ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٧٧
قلت :(في بيوت) : يتعلق بمشكاة، أي : كائنة في بيوت، أو توقد، أو بيسبح، أي : يسبح له رجال في بيوت، وفيه تكرير ؛ لزيادة التأكيد، نحو : زيد في الدار جالس فيها، أو بمحذوف، أي : سبّحوا في بيوت. و(أَذِنَ) : نَعْتٌ له.
يقول الحق جل جلاله : وذلك النور الذي في المشكاة يكون ﴿في بيوتٍ أَذن الله أن ترفع﴾، وهي المساجد والزوايا المُعدَّة لذكر الله والصلاة وتلاوة القرآن. ورفعها : تعظيمها. أي : التي أمر الله بتعظيمها ؛ كتطهيرها من الخبث، وتنقيتها من القذى، وتعليق القناديل ونصب الشموع، ويزاد التعظيم في شهر رمضان. ومن تعظيمها : غلقها في غير أوقات الصلاة، وقيل المراد برفعها : بناؤها، كقوله تعالى :﴿... بَنَـاهَا رَفَعَ... سَمْكَهَاَ﴾ [النازعات : ٢٧و٢٨] ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ﴾ [البقرة : ١٢٧]، والأول أصح.
﴿و﴾ أَذِنَ أيضاً أن ﴿يُذْكَرَ فيها اسمُه﴾، وهو عام في جميع الذِّكْر، مفرداً أو جماعة، ويدخل فيه تلاوة القرآن. ﴿يُسَبِّحُ له فيها بالغُدوّ والآصال﴾ أي : يصلي له فيها بالغداة : صلاة الفجر، والآصال : صلاة الظهر والعصر والعِشَاءين. وإنما وَحَّد الغدو ؛ لأن صلاته صلاة واحدة، وفي الآصال صلوات، وهو جمع أصيل، وفاعل " يُسَبِّحُ " : رجال.