﴿كُلٌّ قد عَلِمَ صلاتَه وتسبيحه﴾ أي : كل واحد من الأشياء المذكورة قد عَلِمَ الله تعالى صَلاتَهُ، أي : دعاءه وخضوعه وتسبيحه. أو : كلٌّ قد علم في نفسه ما يصدر عنه من صَلاَةٍ وتسبيح، فالضمير : ما إليه أو لكلٌ. ولا يبعد أن يلهم الله الطيرَ دعاءه وتسبيحه كما ألهمها سائر العلوم الدقيقة، التي لا يكاد العقلاء يهتدون إليها. ﴿والله عليم بما يفعلون﴾ ؛ لا يعزب عن علمه شيء.
﴿ولله ملكُ السموات والأرض﴾ لا لغيره ؛ لأنه الخالق لهما، ولما فيهما من الذوات، وهو المتصرف فيهما فيهما إيجاداً وَإعْداماً، ﴿وإلى الله المصير﴾ أي : إليه، خَاصَّةً، رجوع الكل بالفناء والبعث لا إلى غيره، وإظهار اسم الجلالة في موضع الإضمار، لتربية المهابة، والإشعار بِعِلِّيّةِ الحُكم. والله تعالى أعلم.
الإشارة : ما استقر في السموات السبع والأرضين السبع كله من قَبْضَةِ النُّور الأوَّلِيَّةِ بين حس ومعنى، حسه خاضع لأحكام الربوبية، ومعناه قاهر بسطوات الألوهية، حسه حِكْمةٌ، ومعناه قدرة، حسه مُلْكٌ، ومعناه ملكوت، وهذا معنى قوله :﴿الله نورُ السموات والأرض﴾، فافهم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٨٤
يقول الحق جل جلاله :﴿ألم ترَ أن الله يُزْجِي﴾ أي : يسوق، برفق وسهولة، ﴿سَحَاباً﴾ : جمع سحابة، ﴿ثم يُؤلِّف بينه﴾ أي : يضم بعضه إلى بعض، ﴿ثم يجعله رُكاماً﴾ ؛ متراكماً بعضه فوق بعض، ﴿فَتَرى الوَدْقَ﴾ : المطر، ﴿يخرجُ من خِلالِه﴾ ؛ من فُتُوقِهِ ووسطه، جمع خَلل، كجبال وجبل، وقيل : مفرد، كحجاب وحجاز.