ثم ذكر الموعود به، فقال :﴿لَيستخلفنَّهم في الأرض﴾ أي : لَيجعلهم خلفاء متصرفين فيها تصرف الملوك في مماليكهم، والمراد بالأرض : أرض الكفار كلها، لقوله عليه الصلاة والسلام :" ليدخلن هذا الدين ما دخل الليل والنهار "، ﴿كما استخلف الذين مِن قبلهم﴾ ؛ كبني إسرائيل، استخلفهم الله في مصر والشام، بعد إهلاك فرعون والجبابرة، ومَنْ قَبْلَهم مِن الأمم المؤمنة التي استخلفهم الله في أرض من أهلكه الله بكفره. كما قال تعالى :﴿فَأَوْحَىا إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ﴾ [إبراهيم : ١٣].
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٩٣
وليُمَكِّنَنَّ لهم دينَهم﴾ : عطف على ﴿ليستخلفنهم﴾، داخل معه في سلك الجواب، وتأخيره عنه مع كونه أصل الرغائب الموعودة وأعظمها ؛ لأن النفوس إلى الحظوظ العاجلة أميل، فَتصْدير المواعد بها فب الاستمالة أدخل، والمعنى : ليجعل دينهم ثابتاً متمكناً مقرراً لا يتبدل ولا يتغير، ولا تنسخ أحكامه إلى يوم القيامة. ثم وصف بقوله :﴿الذي ارتضى لهم﴾، وهو دين الإسلام، وصفه بالارتضاء ؛ تأليفاً ومزيدَ ترغيب فيه وفضْلَ تثبيت عليه. ﴿وليُبدِّلنهُمْ﴾ بالتشديد والتخفيف من الإبدال، ﴿من بعد خوفهم﴾ من الأعداء ﴿أمناً﴾.
٩٤