ولمّا كان كفر من كفر بعد الوعد إنما كان بمعنى بمنع الزكاة، قرَنَه مع الصلاة في الأمر به فقال :﴿وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاةَ﴾ ؛ فمن فرّق بينهما فقد كفر، وكان من الفاسقين. ﴿وأطيعوا الرسولَ﴾ فيما دعاكم إليه وأمركم به، ومن جملة ما أمر به : طاعة أمرائه وخلفائه ؛ لقوله :" عليكم بسنتي، وسنَّة الخلفاء الراشدين من بعدي، عَضُّوا عليها بالنواجذ "، فمن امتنع من دفع الزكاة لخليفته - كما فعل أهل الردة - فقد كفر، ومن أداها إليه كما أمره الله فقد استوجب الرحمة، لقوله :﴿لعلكم تُرحمون﴾ أي : لكي تُرحموا، فإنها من مُسْتَجلبَاتِ الرحمة. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٩٣
الإشارة : سنة الله تعالى في خواصه : أن يُسلط عليهم في بدايتهم الخَلْقَ، فينُزل بهم الذلَ والفقرَ والخوفَ من الرجوع عن الطريق، ثم يُعزهم، ويُمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، ويبدلهم من بعد خوفهم أمناً، كما قال الشاذلي رضي الله عنه : اللهم إن القوم قد حكمت عليهم بالذل حتى عزوا... إلخ كلامه.
قال القشيري : وفي الآية إشارة إلى أئمة الدين، الذين هم أركان السُنَّة ودعائم
٩٥


الصفحة التالية
Icon