الإسلام، الناصحون لعباد الله، الهادون من يسترشد في الله. ثم قال : فأما حُفاظ الدين ؛ فهم الأئمة والعلماء الناصحون لدين الله، وهم أصناف : قومٌ هم حفَّاظُ أخبار الرسول ﷺ، وحُفّاظُ القرآن، وهم بمنزلة الخزنة، وقوم هم علماء الأصول، الرادُّون على أهلِ العناد، وأصحاب الابتداع، بواضح الأدلة، وهم بطارِقَةُ الإسلام وشجعانُه، وقوم وهم الفقهاء المرجوعُ إليهم في علوم الشريعة وفي العبادات وكيفية المعاملات، وهم من الدين بمنزلة الوكلاء والمتصرفين في المُلْك، وآخرون هم أهل المعرفة وأصحاب الحقائق، وهم في الدِّين كخواص الملك وأعيان مجلس السلطان وأرباب الأسرار، الذين لا يبرحون في عالي مجلس السلطان، فالدين معمورٌ بهؤلاء على اختلافهم إلى يوم القيامة. هـ. تقدم ومثله في قوله :﴿فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ﴾ [التوبة : ١٢٢]. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٩٣
يقول الحق جل جلاله :﴿لا تحسَبنَّ الذين كفروا مُعْجِزِينَ﴾ أي : فائتين الله عن إدراكهم وإهلاكهم، في قُطْرٍ من أقطار الأرض، بل لا بد من أخذهم، عاجلاً أو آجلاً، والخطاب للرسول ﷺ أو لكل سامع. و ﴿الذين﴾ : مفعول أول، و (معجزين) : مفعول ثان. وقرأ حمزة والشامي بالغيب، و (الذين) : فاعل، والأول، محذوف، أي : لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم معجزين ﴿في الأرض﴾. و ﴿مأواهم النار﴾ : معطوف على محذوف، أي : بل هم مُدْرَكُونَ، ﴿ومأواهم النار﴾ أي : مسكنهم ومرجعهم، ﴿ولبئس المصيرُ﴾ أي : والله لبئس المرجع هي. وفي إيراد النار، بعنوان كونها مأوى ومصيراً لهم، إثر نفي قوتهم بالهرب في الأرض كل مهرب، من الجزالة ما لا غاية وراءه. والله تعلى أعلم.