الإشارة : لا تحسبن أهل الانتقاد على أولياء الله أنهم فائتون، بل لا بد من غيرة الله عليهم، عاجلاً أو آجلاً، في الظاهر أو الباطن، ومأواهم نار القطيعة ولبئس المصير. وقال القشيري على هذه الآية : الباطل قد تكون له صَوْلَةٌ لكنه يختل، وما لذلك بقاء، ولعل لبثه من عارض الشتاء في القيظ، أي : الحر. هـ. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٩٥
يقول الحق جل جلاله :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾، ويدخل فيه النساء، ﴿لِيَسْتَأْذِنكُمُ الذين ملكت أيمانُكُم﴾ من العبيد والإماء، ﴿والذين لم يبلغوا الحُلُمَ منكم﴾ أي : والأطفال الذين لم يحتلموا من الأحرار، ﴿ثلاثَ مراتٍ﴾ في اليوم والليلة، وهي ﴿من قبلِ صلاة الفجر﴾ ؛ لأنه وقت القيام من المضاجع، وطرح ما ينام فيه من الثياب، ولبس ثياب اليقظة، وربما يجدهم في هذا الوقت نائمين متجردين، ﴿وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة﴾ ؛ وهي نصف النهار في القيظ ؛ لأنها وقت وضع الثياب للقيلولة، ﴿ومن بعد صلاةِ العشاء﴾ ؛ لأنه وقت التجرد من ثياب اليقظة، والالتحاف بثياب النوم. هي ﴿ثلاثُ عوراتٍ لكم﴾، ومن نصبه ؛ فَبَدلٌ من ﴿ثلاث مرات﴾ أي : أوقاتُ ثلاثِ عوراتٍ، وسمى كل واحد من هذه الأوقات عورة ؛ لأن الإنسان يختل تستره فيها، والعورة : الخلل، ومنه سمي الأعور ؛ لاختلاف عينه.
رُوي أن غلاماً لأسماء بنت أبي مرثد دخل عليها في وقت كَرِهَتْهُ، فنزلت. وقيل : أرسل رسول الله ﷺ مُدْلِجَ بنَ عَمرو الأنصاري، وكان غلاماً، وقت الظهيرة، ليدعو عُمر رضي الله عنه، فدخل عليه وهو نائم قد انكشف عنه ثوبه، فقال عمر رضي الله عنه : لوددت أن الله تعالى نهى عن الدخول في هذه الساعات إلا بإذن، فانطلق إلى النبي ﷺ، فوجده وقد نزلت عليه هذه الآية. والأمر، قيل : للوجوب، وقيل : للندب.