﴿الذي له مُلكُ السموات والأرضِ﴾ أي : له، خاصةً، دون غيره، لا استقلالاً ولا اشتراكاً. فالقهرية لازمة لهما، المستلزمة للقدرة التامة والتصرف الكلي، إيجاداً وإعداماً، وإحياءً وإماتةً، وأمراً ونهياً، ﴿ولم يتخذ ولداً﴾ كما زعم اليهود والنصارى في عزير والمسيح - عليهما السلام -، ﴿ولم يكن له شريك في المُلْك﴾ كما زعمت الثنوية القائلون بتعدد الآلهة، والرد في نحورهم.
﴿وخَلَقَ كلَّ شيء﴾ أي : أحدث كل شيء وحده، لا كما تقول المجوس والثنوية من النور والظلمة. أي : أظهر كل شيء ﴿فقدَّره﴾ أي : فهيأه لِمَا أراد به من الخصائص والأفعال اللائقة به، ﴿تقديراً﴾ بديعاً، لا يقادر قدره، ولا يُبلغ كنهه ؛ كتهيئة الإنسان للفهم والإدراك، والنظر والتدبير في أمور المعاش والمعاد، واستنباط الصنائع المتنوعة، والدلائل المختلفة، على وجود الصانع. أو : فقدَّره للبقاء إلى أبد معلوم. وأيّاً ما كان، فالجملة تعليل لما قبلها، فإن خلقه تعالى لجميع الأشياء على ذلك الشكل البديع والنظام الرائق، وكل ما سواه تحت قهره وسلطانه، كيف يتوهم أنه ولد الله سبحانه، أو شريكٌ له في ملكه. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٠٧