﴿ولا يملكون موتاً﴾ أي : إماتة ﴿ولا حياةً﴾ أي : إحياء ﴿ولا نشوراً﴾ ؛ بعثاً بعد الموت، أي : لا يقدرون على إماتة حي، ولا نفخ الروح في ميت، ولا بعث للحساب والعقاب. والإله يجب أن يكون قادراً على جميع ذلك. وفي إيذان بغاية جهلهم، وسخافة عقولهم، كأنهم غير عارفين بانتفاء ما نُفي عن آلهتهم مما ذكر، مفتقرون إلى التصريح لهم بها. والله تعالى أعلم.
الإشارة : كل من ركن إلى غير الله، أو مال بمحبته إلى شيء سواه، فقد اتخذ من دونه إلهاً يعبده من دون الله. وكل من رفع حاجته إلى غير مولاه، فقد خاب مطلبه ومسعاه ؛ لأنه تعلق بعاجز ضعيف، لا يقدر على نفع نفسه، فكيف ينفع غيره ؟ وفي الحِكَمِ :" لا ترفعن إلى غيره حاجة هو موردها عليك، فكيف ترفع إلى غيره ما كان هو له واضعاً ؟ ! من لا يستطيع أن يرفع حاجته عن نفسه، فكيف يكون لها عن غيره رافعاً ؟ ".
قال بعض الحكماء : من اعتمد على غير الله فهو في غرور ؛ لأن الغرور ما لا يدوم، ولا يدوم شيء سواه، وهو الدائم القديم، لم يزل ولا يزال، وعطاؤه وفضله دائمان، فلا تعتمد إلا على من يدوم عليك منه الفضل والعطاء، في كل نفس وحين وأوان وزمان. هـ. وقال وهب بن منبه : أوحى الله تعالى إلى داود : يا داود ؛ أما وعزتي وجلالي وعظمتي لا ينتصر بي عبد من عبادي دُون خلقي، أعلم ذلك من نيته، فتكيده السموات السبع ومن فيهن، والأرضون السبع ومن فيهن، وإلا جعلت له منهن فرجاً ومخرجاً. أما وعزتي وجلالي لا يعتصم عبد من عبادي بمخلوق دوني، أعلم ذلك من نيته، إلا قطعت أسباب السموات من يده، وأسخت الأرض من تحته، ولا أبالي في وادٍ هلك. هـ. وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٠٨
يقول الحق جل جلاله :﴿وقال الذين كفروا﴾ أي : تمردوا في الكفر والطغيان. قيل : هم النضر بن الحارث، وعبد الله بن أمية، ونوفل بن خويلد، ومن ضاهاهم.