تَغَيُّظاً وزفيراً ؛ غيظاً على طلابها، حيث آثروها على ما فيه رضا مولاها، وإذا ألقوا في أشغالها، وضاق عليهم الزمان في إداركها، دعَوا بالويل والثبور، وذلك عند معاينة أعلام الموت، والرحيل إلى القبور، ولا ينفعهم ذلك. قل : أذلك خير أم جنة الخلد ؟، وهي جنة المعارف، التي وُعد المتقون لكل ما سوى الله، كانت لهم جزاء على مجاهدتهم وصَبْرهم، ومصيراً يصيرون إليها بأرواحهم وأسرارهم. لهم فيها ما يشاؤون ؛ لكونهم حينئذٍ أمرهم بأمر الله، كان على ربك وعداً مسؤولاً، أي : مطلوباً للعارفين والسائرين. وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١١٢
قلت :" اتخذ " قد يتعدى إلى مفعول واحد، كقوله :﴿أَمِ اْتَّخَذُوا ءَالِهَةً﴾ [الأنبياء : ٨]، وقد يتعدى إلى مفعولين، كقوله :﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً﴾ [النساء : ١٢٥]، فقرأ الجمهور :(أن نَتَّخِذَ) ؛ بالبناء لفاعل. وقرأ الحسن وأبو جعفر بالبناء للمفعول. فالقراءة الأولى على تعديته لواحد، والثانية على تعديته لاثنين. فالأول : الضمير في (نتخذ)، والثاني :(من أولياء). و (مِن) : للتبعيض، أي : ما ينبغي لنا أن نتخذ بعضَ أولياءٍ من دونك ؛ لأن " من " لا تزاد في المفعول الثاني، بل في الأول، تقول : ما اتخذت من أحد وليّاً، ولا تقول : ما اتخذت أحداً من ولي. وأنكر القراءة أبو عمرُو بن العلاء وغيره، وهو محجوج ؛ لأن قراءة أبي جعفر من المتواتر.