يقول الحق جل جلاله :﴿و﴾ اذكر ﴿يوم نحشرهم﴾، أو : يوم يحشرهم الله جميعاً للبعث والحساب، يكون ما لا تفي به العبارة من الأهوال الفظيعة والأحوال الغريبة، فيحشرهم ﴿وما يعبدون من دون الله﴾ ؛ من الملائكة والمسيح وعزير. وعن الكلبي : الأصنام ؛ يُنطقها الله، وقيل : عام في الجميع. و(ما) : يتناول العقلاء وغيرهم ؛ لأنه أريد به الوصف، كأنه قيل : ومعبودهم. ﴿فيقول﴾ الحق جل جلاله للمعبودين، إثر حشر الكل ؛ تقريعاً للعَبَدة وتبكيتاً :﴿أأنتم أَضْلَلْتُمْ عبادِي هؤلاء﴾، بأن دعوتموهم إلى عبادتكم، ﴿أم هم ضلُّوا السبيل﴾ أي : عن السبيل بأنفسهم ؛ بإخلالهم بالنظر الصحيح، وإعراضهم عن الرشد.
وتقديم الضميريْن على الفعلين بحيث لم يقل : أضللتم عبادي هؤلاء أم ضلوا
١١٥
السبيل ؛ لأن السؤال ليس عن نفس الفعل، وإنما هو عن متوليه والمتصدي له، فلا بد من ذكره، وإيلائه حرف الاستفهام ؛ ليعلم أنه المسؤول عنه. وفائدة سؤالهم، مع علمه تعالى بالمسؤول عنه ؛ لأن يجيبوا بما أجابوا به ؛ حتى يُبكت عبدتهم بتكذيبهم إياهم، فتزيد حسرتهم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١١٥


الصفحة التالية
Icon