قالوا} في الجواب :﴿سبحانك﴾ ؛ تعجيباً مما قيل، لأنهم إما ملائكة معصومون، أو جمادات لا تنطق ولا قدرة لها على شيء، أو : قصدوا به تنزيهه عن الأنداد، ثم قالوا :﴿ما كان ينبغي لنا﴾ أي : ما صح وما استقام لنا ﴿أن نتخذ من دونك﴾ أي : متجاوزين إياك، ﴿من أولياء﴾ نعبدهم ؛ لِمَا قام بنا من الحالة المنافية له، فَأَنَّى يُتَصَوَّرُ أن نحمل غيرنا على أن يتخذوا غيرك، فضلاً أن يتخذونا أولياء، أو : ما كان يصح لنا أن نتولى أحداً دونك، فكيف يصح لنا أن نحمل غيرنا أن يتولونا دونك حتى يتخذونا أرباباً من دونك، ﴿ولكن متَّعتهم وآباءهم﴾ بالأموال والأولاد وطول العمر، فاستغرقوا في الشهوات، وانهمكوا فيها ﴿حتى نَسُوا الذّكر﴾ أي : غفلوا عن ذكرك، وعن الإيمان بك، واتباع شرائعك، فجعلوا أسباب الهداية ؛ من النعم والعوافي، ذريعة إلى الغواية. ﴿وكانوا﴾، في قضائك وعلمك الأزلي، ﴿قوماً بوراً﴾ ؛ هالكين، جمع : بائر، كعائذ وعوذ. ثم يقال للكافر بطريق الالتفات :﴿فقد كَذَّبوكم بما تقولون﴾، وهو احتجاج من الله تعالى على العبدة ؛ مبالغة في تقريعهم وتبكيتهم ؛ على تقدير قول مرتب على الجواب، أي : فقال الله جل جلاله عند ذلك للعبدة : فقد كذبكم المعبودون أيها الكفرة، ﴿بما تقولون﴾ أي : في قولكم : هؤلاء أضلونا. والباء بمعنى " في "، وعن قنبل : بالياء، والمعنى : فقد كذبوكم بقولهم :﴿سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ﴾، والباء حينئذٍ كقولك : كتبت بالقلم.
﴿فما يستطيعون﴾ ؛ فما يملكون ﴿صَرْفاً﴾ ؛ دفعاً للعذاب عنكم ﴿ولا نصراً﴾ أي : فرداً من أفراد النصر. والمعنى : فما تستطيع آلهتكم أن يصرفوا عنكم العذاب أو ينصروكم. وعن حفص بالتاء، أي : فما تستطيعون أنتم أيها الكفرة صرفاً للعذاب عنكم، ولا نصر أنفسكم.