قال القشيري : هو استفهام بمعنى الأمر، فمن قارنه التوفيقُ صبر وشكر، ومن قارنه الخذلان أبى وكفر. هـ. وقيل : هو الأمر بالإعراض عما جعل في نظره فتنة، كما قال :﴿وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ﴾ [طه : ١٣١]، فينبغي ألا ينظر بعض إلى بعض، إلا لمن دونه، كما ورد في الخبر. هـ.
﴿وكان ربك بصيراً﴾ ؛ عالماً بالحكمة فيما يَبْتلِي به، أو : بمن يصبر ويجزع. وقال أبو السعود : هو وعد كريم لرسول الله ﷺ بالأجر الجزيل ؛ لصبره الجميل، مع مزيد تشريف له - عليه الصلاة والسلام - ؛ بالالتفات إلى إسم الرب مضافاً إلى ضميره صلى الله عليه وسلم. هـ.
الإشارة : الطريق الجادة التي درج عليها الأنبياء والأولياء هي سلوك طريق الفقر والتخفيف من الدنيا، إلا قدر الحاجة، بعد التوقف والاضطرار، ابتداءً وانتهاء، حتى تحققوا بالله. ومنهم من أتته الدنيا بعد التمكين فلم تضره. والحالة الشريفة : ما سلكها نبينا ﷺ وهو التخفيف منها وإخراجها من اليد، حتى مات ودرعه مرهونة عند يهودي،
١١٨
في وسق من شعير. وعادته تعالى، فيمن سلك هذا المسلك، أن يُديل الغنى في عقبه، فيكونون أغنياء في الغالب. والله تعالى أعلم.
وما وَصَف به الحق تعالى رسله ؛ من كونهم يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، هو وصف للأولياء أيضاً - رضي الله عنهم - ؛ فيمشون في الأسواق ؛ للعبرة والاستبصار في تجليات الواحد القهار، فحيث يحصل الزحام يعظم الشهود للملك العلام، وفي ذلك يقول الششتري رضي الله عنه : عين الزحام هو الوصول لِحَيِّنا.