تَنَلْ مِنْهُ صَفْوَ الْوُدِّ مَا لمْ تُمارهِ
وَفِي الشَّيْبِ مَا يَنهى الحَلِيمَ عَن الصِّبَا
إِذا اشْتَعَلَتْ نِيَرانُه فِي عَذَارِهِ
وقال آخر :
اصْحَبْ خِيَارَ الناسِ حَيْثُ لَقِيتَهُمْ
خَيْرُ الصَّحَابَةِ مَنْ يَكُونُ عَفِيفا
وَالنَّاسُ دَرَاهِمٍ مَيَّزْتُها
فَوَجَدْتُ فيهَا فِضَّةً وُزُيُوفا
وفي حديث أبي موسى رضي الله عنه ﷺ قال :" مثل الجليس الصَّالح مَثَلُ العَطَّارِ، إنْ لَمْ يُحْذِكَ مِنْ عِطْره يَعْلق بك مِنْ رِيحِه. ومَثَل الجَلِيس السُّوء مَثَلُ الكِيِر، إن لم يَحْرِق ثِيابَكَ يَعْلق بك مِن رِيحِه " وقال في الحِكَم :" لا تصحب من لا يُنْهِضُكَ حاله، ولا يَدُلُّكَ على الله مَقَالُهُ ". فإنهاض الحال هو ذكر الله عند رؤيته، والانحياش إليه بالقلب عند صحبته. ودلالة المقال على الله هو زجه في الحضرة بلا تعب، بان يرفع بينه وبين ربه الحُجُبَ، ويقول له : ها أنت وربك. وهذه حال الصوفية العارفين بالله، وقد وصفهم بعض العلماء، فقال : الصوفي من لا يعرف في الدارين أحداً غير الله، ولا يشهد مع الله سوى الله، قد سخر له كل شيء، ولم يُسخر هو لشيء، يسلط على كل شيء، ولم يسلط عليه شيء، يأخذ النصيب من كل شيء، ولم يأخذ النصيب منه شيء، يصفو به كدر كُلِّ شيء، ولا يكدر صَفْوَه شيء، قد أشغله واحد على كل شيء، وكفاه واحد من كل شيء. هـ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٢٢
قال في التنبيه : وبصحبة أمثال هؤلاء يحصل للمريد من المزيد مالا يحصل له بغيرها ؛ من فنون المجاهدات وأنواع المكابدات، حتى يبلغ بذلك إلى أمر لا يسعه عقل
١٢٥
عاقل، ولا يحيط به عالم ناقل. هـ. وفي شانهم أيضاً قال صاحب العينية رضي الله عنه :
فَشَمِّرْ وَلُذْ بالأوْلياءِ ؛ فإِنهُمْ
لهُمْ مِنْ كِتَابِ الحَقِّ تِلْكَ الوَقَائِعُ
هُمُ الذُّخْرُ لِلْمَلهُوفِ، والكَنْزُ للرَّجَا،