وَمِنهُمْ يَنَالُ الصَّبُّ ما هُوَ طَامِعُ
بِهِم يَهْتَدِي لِلْعَينْ مَنْ ضَلَّ فِي الْعَمَى
بِهمْ يُجْذَبُ العُشَّاقُ، والرَّبْعُ شَاسِعُ
هُمُ القَصْدُ، والمطْلُوبُ، والسُؤْلُ، والمُنَى
واسْمُهُمُ للصَّبِّ، فِي الحُبِّ شَافِعُ
هُمُ النَّاسُ، فَالْزَمْ إِنْ عَرَفْتَ جَنابَهُمْ
فَفيهمْ لِضُرِّ العَالَمِينَ مَنَافِعُ
وقال الجنيد رضي الله عنه : إذا أراد الله بالمريد خيراً ألقاه إلى الصوفية، ومنعه صحبة القراء. وقال سهل رضي الله عنه : احذر صحبة ثلاثة من أصناف الناس : الجبابرة الغافلين، والقراء المداهنين، والمتصوفة الجاهلين. هـ. وقال حمدون القصار رضي الله عنه :(اصحب الصوفية ؛ فإن للقبح عندهم وجوهاً من المعاذير، وليس للحُسْنِ عندهم كبير موقع يعظمونك به) ؛ إشارة إلى أن العجب بالعمل منفي في صحبتهم. وقال سيدنا علي رضي الله عنه : شر الأصدقاء : من أحوجك إلى المداراة، وألجأك إلى الاعتذار.
وقال أيضاً : شر الأصدقاء من تُكُلِّف له. هـ. وليوسف بن الحسين الداراني رضي الله عنه :
أُحِبُّ مِنَ الإِخْوَانِ كلَّ مُواتي
فِيًّا غَضِيض الطَّرف عَن عَثراتِي
يوافقني في كل أمر أحبه
ويحفظُني حَياً وبَعد مماتي
فمن لِي بهذا، ليتني قد وَجَدْتُه
فَقَاسَمْتُهُ مَالِي مِنَ الْحَسَنَاتِ
والحاصل من هذا ؛ أن صحبة الصوفية هي التي يحصل بها كمال الانتفاع للصاحب، دون من عداهم من المنسوبين إلى الدين والعلم ؛ لأنهم خُصوا من حقائق التوحيد والمعرفة بخصائص، لم يساهمهم فيها أحد سواهم. وسريان ذلك من الصاحب إلى المصحوب هو غاية الأمل والمطلوب، فقد قيل : مَنْ تَحَقَّقَ بِحَالَةٍ لَمْ يَخْلُ حَاضِرُوهُ مِنْهَا. انتهى من التنبيه. وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٢٢


الصفحة التالية
Icon