الإشارة : ينبغي للمؤمن العاقل، المشفق على نفسه، أن ينظر فيمن هلك من الأمم السالفة، ويتأمل في سبب هلاكهم، فيشد يده على الاحتراز مما استوجبوا به الهلاك، وهو مخالفة الرسل وترك الإيمان ؛ فيشد يده على متابعة ما جاء به الرسول ﷺ من الأوامر والنواهي، ويرغب فيما رَغَّب فيه، ويهتدي بهديه، ويقتدي بسنته، ويربي إيمانه، ويجعل البعث والنشر والحشر بين عينيه، فهذه طريق النجاة. وينبغي للمريد، إذا رأى فقيراً سقط من درجة الإرادة ويبست أشجاره، أن يحترز من تلك الزلاقة التي زلق فيها، فيبحث عن
١٣٢
سبب رجوعه، ويجتنبه جهد استطاعته. ومرجعها إلى ثلاث : خروجه من يد شيخه إلى غيره، وسقوط تعظيم شيخه من قلبه ؛ بسبب اعتراض أو غيره، واستعمال كثرة الأحوال، حتى يلحقه الملل. نسأل الله الحفظ من الجميع بمنِّه وكرمه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٣٠
يقول الحق جل جلاله :﴿وإِذا رَأَوْكَ﴾ أي : مشركو مكة ﴿إِن﴾ ؛ ما ﴿يتخذونَك إلا هُزُواً﴾ أي : مهزوءاً بك، أو محل هزء، حال كونهم قائلين :﴿أهذا الذي بعثَ الله رسولاً﴾، ورسولاً، حال من العائد المحذوف، أي : هذا الذي بعثه الله رسولاً، والإشارة ؛ للاستحقار في اعتقادهم وتسليمهم البعث والرسالة، مع كونهم في غاية الإنكار لهما ؛ على طريق الاستهزاء، وإلا لقالوا : أبعث الله هذا رسولاً.