يقول الحق جل جلاله :﴿وعبادُ الرحمن﴾ أي : خواصه الذين يسجدون ويخضعون للرحمن، ﴿الذين يمشون على الأرض هوناً﴾ أي : بسكينة وتواضع ووقار، قال الحسن : يمشون حُلَمَاء علماء مثل الأنبياء، لا يؤذون الذر، في سكون وتواضع وخشوع، وهو ضد المختال الفخور المَرِح، الذي يختال في مشيه. وقال ابن الحنفية : أصحاب وقار وعفة، لا يسفهون، وإن سفهم عليهم حلَموا. و " الهَوْن " في اللغة : الرفق واللين. ومن قوله ﷺ :" أحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَا، عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْماً مَا. وأبْغِض بَغِيضَكَ هَوْناً مَا، عسى أنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْماً مَا ". ﴿وإذا خاطبهم الجاهلون﴾ أي : السفهاء بما يكرهون، ﴿قالوا سلاماً﴾ ؛ سداداً من القول، يَسلمون فيه من الإيذاء والإثم والخَنا. أو : سلمنا منكم سلاماً، أو : سلموا عليهم سلاماً، دليله قوله تعالى :﴿وَإِذَا سَمِعُواْ اللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ﴾ [القصص : ٥٥]، ثم قالوا :﴿سلام عليكم﴾. قيل : نسختها آية القتال، وفيه نظر ؛ فإن الإغضاء عن السفهاء مستحسن شرعاً ومروءة، فلا ينسخ. وكان الحسن إذا تلا الآيتين قال : هذا وصف نهارهم، ثم قال تعالى :﴿والذين يبيتون لربهم سُجّداً وقياماً﴾ : هذا وصف ليلهم. قال ابن عباس : من صلى لله تعالى ركعتين، أو أكثر، بعد العشاء، فقد بات لله تعالى ساجداً وقائماً. وقيل : ما الركعتان بعد المغرب والركعتان بعد العشاء، والظاهر أنه وصف لهم بإحياء الليل أو أكثره.
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٤٤
والذين يقولون ربنا اصرفْ عنا عذابَ جهنم إن عذابها كان غَرَاماً﴾ ؛ هلاكاً لازماً.