﴿... وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـائِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً﴾.
قلت :(يُضاعفْ) و(يخلُدْ) : بدل من (يَلْقَ) ؛ بدل كل من كل، عند الأزهري ؛ لأن لُقِيّ الآثام هي مضاعفة العذاب، وبدل اشتمال، عند المرادي. ومن رفعهما : فعلى الاستئناف.
يقول الحق جل جلاله :﴿ومن يَفْعَلْ ذلك﴾ أي : ما ذكر، كما هو دأب الكفرة المذكورين، ﴿يَلْقَ﴾ في الآخرة ﴿أثاماً﴾ ؛ وهو جزاء الآثام، كالوبال والنكال ؛ وزْناً ومعنى، ﴿يُضاعَفْ له العذابُ يومَ القيامة﴾ أضعافاً كثيرة، كما يضاعف للمؤمنين جزاء أعمالهم كذلك، ﴿ويخْلُدْ فيه﴾ أي : في ذلك العذاب المضاعف، ﴿مهاناً﴾ ؛ ذليلاً حقيراً، جامعاً للعذاب الجسماني والروحاني.
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٤٤
إلا من تابَ﴾ من الشرك، ﴿وآمن﴾ بمحمد ﷺ، ﴿وعَمِلَ عملاً صالحاً﴾ بعد توبته ﴿فأولئك يُبَدِّلُ الله سيئاتهم حسناتٍ﴾ أي : يوفقهم للمحاسن بعد القبائح، فيوفقهم للإيمان بعد الشرك، ولقتل الكافر بعد قتل المؤمن، وللعفة بعد الزنا، أو : يمحوها بالتوبة، ويثبت مكانها الحسنات. ولم يُرد أن السيئة بعينها تصير حسنة، ولكن يمحوها ويعوض منها حسنة.
وعنه ﷺ أنه قال :" لَيَتَمَنَّيَنَّ أقوامٌ أنهم أكثروا من السيئات، قيل : من ؟ قال : الذين يُبدل الله سيئاتهم حسنات " ﴿وكان الله غفوراً﴾ للسيئات، ﴿رحمياً﴾ يُبَدِّلُها حسنات.
١٤٧