﴿والذين إذا ذُكِّروا بآياتِ ربهم﴾ أي : قرئ عليهم القرآن، أو : وعظوا بالقرآن، ﴿لم يَخرُّوا عليها صُمّاً وعُمْياناً﴾، بل أكبوا عليها سامعين بآذان واعية، مجلتين لها بعيون راعية. وإنما عبّر بنفي الضد ؛ تعريضاً بما يفعله الكفرة والمنافقون.
١٤٨
﴿والذين يقولون ربنا هَبْ لنا من أزواجنا﴾، " من " : للبيان، كأنه قيل : هب لنا قرة أعين، ثم بُينت القرة وفُسرت بقوله :﴿من أزواجنا وذرياتنا﴾ والمعنى : أن يجعلهم الله لهم قرة أعين ؛ بأن يروا منهم من الطاعة والإحسان وما تقر به العين. أو للابتداء، أي : هب لنا من جهتهم ما تقر به العين، من طاعة أو صلاح. ﴿و﴾ هب لنا أيضاً من ﴿ذرياتنا قُرةَ أعيُن﴾ ؛ بتوفيقهم للطاعة، ومبادرتهم للفضائل والكمالات، فإن المؤمن إذا ساعده أهله في طاعة الله تعالى وشاركوه فيها ؛ يسر قلبه، وتقر عينه ؛ بما شاهده من مقاربتهم له في الدين، ويكون ذلك سبباً في لحوقهم به في الجنة، حسبما وعد به قوله تعالى :﴿أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ [الطور : ٢١].
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٤٨
وإنما قال :" أعين " ؛ بلفظ القلة، دون عيون ؛ لأن المراد أعين المتقين، وهي قليلة بالإضافة إلى أعين غيرهم. والمعنى : أنهم سألوا ربهم يرزقهم أزواجاً وأعقاباً، عُمَّالاً لله، يسرون بمكانهم، وتقر بهم عيونهم، قيل : ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله. وعن ابن عباس :(هو الولد إذا رآه يكتب الفقه).


الصفحة التالية
Icon