وقيل : ما يعبأ : بمغفرة ذنوبكم، ولا هو عنده عظيم، لولا دعاؤكم معه الآلهة والشركاء، كقوله :﴿مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾ [النساء : ١٤٧]، قاله الضحاك. ثم قال : فظاهره : أن " ما " : استفهامية، ويحتمل كَوْنُهَا نَافِيَةً. انظر بقية كلامه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٤٨
وفسّر البخاري الدعاء هنا بالإيمان، أي : ما يبالي بكم ربي لولا إيمانكم المتوقع من بعضكم، ﴿فقد كذبتم﴾ بما جاء به الرسول فتستحقون العقاب، ﴿فسوفَ يكونُ﴾ العذاب الذي أنْتَجَهُ تكذيبكم ﴿لِزاماً﴾ ؛ لازماً لكم ؛ لا تنفكون عنه، حتى يكبكُم في النار. فالفاء في قوله :﴿فقد كذَّبتم﴾ استئناف وتعليل لكونهم لا يُعبأ بهم، وإنما أضمر العذاب من غير تقدم ذكرٍ ؛ للإيذان بغاية ظهوره وتهويل أمره، وأنه مما لا تفي العبارة به.
وعن مجاهد : هو القتل يوم بدر، وأنه لُوزِمَ بين القتلى. وفي المشارق : اللزام : الفيصل، وقد كان يوم بدر. هـ. والله تعالى أعلم.
الإشارة : قوله تعالى :﴿وإذا مروا بأهل اللغو﴾، وهم المتكلمون في حس الأكوان، مروا كراماً ؛ مكرمين أنفسهم عن الالتفات إلى خوضهم. والذين إذا سمعوا الوعظ والتذكير أنصتوا بقلوبهم وأرواحهم، خلاف ما عليه العامة من التصامم والعمى عنه. ﴿والذين يقولون ربنا..﴾ إلخ، قال القشيري : قرة الروح : حياتها، وإنما تكون كذلك إذا كان بحق الله قائماً. ويقال : قرة العين من كان لطاعة الله معانقاً، ولمخالفة الأمر مفارقاً. هـ. قلت : قرة العين تكون في الولد الروحاني، كما تكون في الولد البشري ؛ فإن الشيخ إذا رأى تلميذه مُجِدّاً صادقاً في الطلب، حصل له بذلك غاية السرور والطرب، كما هو معلوم عند أرباب الفن. وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق، وَصلَّى الله على سيدنا محمد ﷺ وآله وصحبه وسَلَّمَ تسليماً.
١٥٠
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٤٨


الصفحة التالية
Icon