وكفر الكافرين، فلا تبديل ولا تغيير. و " لعل " : للإشفاق، أي : أشفق على نفسك أن تقتلها ؛ حسرة على مافاتك من إسلام قومك ﴿أَلاَّ يكونوا مؤمنين﴾ أي : لعدم إيمانهم بذلك الكتاب المبين، ﴿إن نشأ نُنزِّل عليهم من السماء آيةً﴾، هو تعليل لما قبله من النهي عن التحسر ؛ ببيان أن إيمانهم ليس مما تعلقت به المشيئة، فلا وجه للطمع فيه والتألم من فواته، والمفعول محذوف، أي : إن نشأ إيمانهم ننزل عليهم من السماء آية ملجئة لهم إلى الإيمان، قاهرة لهم عليه، ﴿فظلَّتْ أعناقُهم لها خاضعين﴾ ؛ منقادين. والأصل : فظلوا لها خاضعين، فأقمحت الأعناق ؛ لزيادة التقرير ببيان موضع الخضوع، وترك الخبر على حاله من جمع العقلاء. وقيل : لمَّا وصفت الأعناق بصفة العقلاء أجريت مجراهم، كقوله تعالى :﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ [يوسف : ٤]. وقيل المراد بالأعناق : الرؤساء ومقدمو الجماعة، وقيل : الجماعة، من قولهم : جاءنا عنق من الناس، أي : فوج. وقرئ : خاضعة، على الأصل.
﴿وما يأتيهم من ذِكْرٍ من الرحمنِ مُحْدَثٍ إلا كانوا عنه معرضين﴾، هذا بيان لشدة شكيمتهم وعدم ارعوائهم عما كانوا عليه من الكفر والتكذيب ؛ لصرف رسوله ﷺ عن الحرص على إسلامهم، وقطع رجائه فيهم على الجملة، قال القشيري : أي : ما نُجَدِّد لهم شَرْعاً، أو نرسل رسولاً إلا أعرضوا عما دلّ برهانه عليه، وقابلوه بالتكذيب، فلو أنهم أنعموا النظرَ في آياتهم، لا تضح لهم صدقهم، ولكن المقسوم من الخذلان في سابق الحُكْمِ يمنعهم من الإيمان والتصديق. هـ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥١