﴿أنْ أرسل معنا بني إسرائيل﴾، " أن " : مفسرة ؛ لتضمن الإرسال المفهوم من الرسول معنى القول، أي : خَلِّ بني إسرائيل تذهب معنا إلى الشام، وكان مسكنهم بفلسطين منه، قبل انتقالهم مع يعقوب عليه السلام إلى مصر، في زمن يوسف عليه السلام. والله تعالى أعلم.
الإشارة : من كان أهلاً للوعظ والتذكير لا ينبغي أن يتأخر عنه خوف التكذيب ولا خوف الإذاية، فإن الله معه بالحفظ والرعاية. نعم ؛ إن طلب المُعِينَ فلا بأس، فإن أُبهة الجماعة، في حال الإقبال على من يُعظمهم، أقوى في الإدخال الهيبة والروع في قلوبهم، ونور الجماعة أقوى من نور الواحد. والله تعالى أعلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٤
يقول الحق جل جلاله : لما أتى موسى وهارونُ فرعونَ وبلَّغا الرسالة، ﴿قال﴾ له :﴿ألم نُربِّك...﴾ إلخ، رُوي أنهما أتيا بابه فلم يُؤذن لهما سنة، حتى قال البواب : إن هنا إنساناً يزعم أنه رسول رب العالمين، فقال : ائذن له، لعلنا نضحك منه، فأَذِن، فدخل، فأدى الرسالة، فعرفه فرعونُ، فقال له :﴿ألم نُربِّك فينا﴾ ؛ في حِجْرنا ومنازلنا، ﴿وليداً﴾ أي طفلاً. عبّر عنه بذلك ؛ لقُرب عهده بالولادة. وهذه من فرعون معارضة لقول موسى عليه السلام :﴿إنا رسول رب العالمين﴾، بنسبته تربيته إليه وليداً. ولذلك تجاهل بقوله :﴿وما ربُّ العالمين﴾، وصرح بالجهل بعد ذلك بقوله :﴿لئن اتخذت إلهاً غيري...﴾ إلخ، ﴿ولبثتَ فينا من عُمُرِكَ سنين﴾ قيل : لبث فيهم ثلاثين سنة، ثم خرج إلى مدين، وأقام به عشر سنين، ثم عاد يدعوهم إلى الله - عز وجل - ثلاثين سنة، ثم بقي بعد الغرق خمسين، وقيل : قتل القبطي وهو ابن ثنتي عشرة سنة، وفرّ منهم على إثر ذلك. والله أعلم.
١٥٦


الصفحة التالية
Icon