يقول الحق جل جلاله :﴿قال﴾ فرعونُ، لَمَّا رأى ما بهته وحيّره، ﴿للملإِ حولَه﴾، وهم أشراف قومه :﴿إنَّ هذا لساحِرٌ عليم﴾ ؛ فائق في فن السحر. ثم أعدى قومه على موسى بقوله :﴿يريد أن يُخرجكم﴾ بما صنع ﴿من أرضكم بسحره فماذا تأمرون﴾ ؛ تُشيرون في أمره ؛ من حبس أو قتل، وهو من المؤامرة، أي : المشاورة، أو : ماذا تأمرون به، من الأمر، لما بهره سلطان المعجزة وحيّره، حط نفسه عن ذروة ادعاء الربوبية إلى حضيض الخضوع لعبيده - في زعمه - والامتثال لأمرهم، وجعل نفسه مأمورة، أو : إلى مقام مؤامرتهم ومشاورتهم، بعد ما كان مستقلاً في الرأي والتدبير.
﴿قالوا﴾ له :﴿أرْجِهْ وأخاه﴾ أي : أَخِّرْ أمرهما، ولا تعجل بقتلهما ؛ خوفاً من الفتنة أو : احبسهما، ﴿وابعث في المدائن حاشرين﴾ أي : شُرَطاً يحشرون السحرة، ﴿يأتوك﴾ أي : الحاشرون ﴿بكل سحَّارٍ عليم﴾ ؛ فائق في فن السحر. وأتوا بصيغة المبالغة ؛ ليُسَكِّنُوا بعض رَوعته. والله تعالى أعلم.
الإشارة : المشاورة في الأمور المهمة من شأن أهل السياسة والرأي، وفي الحديث :" ما خَابَ مَن اسْتَخَار، ولا نَدِمَ من اسْتَشَار "، فالمشاورة من الأمر القديم، وما زالت الأكابر من الأولياء والأمراء يتشاورون في أمورهم ؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم. وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٩
يقول الحق جل جلاله :﴿فجُمِعَ السحرةُ لميقات يوم معلومٍ﴾، وهو ما عيّنه موسى عليه السلام بقوله :﴿مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى﴾ [طه : ٥٩]. والميقات : ما وُقت به، أي : حُدّ من زمان ومكان. ومنه : مواقيت الحج. ﴿وقيلَ للناسِ هل أنتم مُجْتَمِعُون﴾
١٦٠


الصفحة التالية
Icon