﴿كذلك﴾ أي : الأمر كذلك، أو : أخرجناهم مثل ذلك الإخراج العجيب، فهو خبر، أو : مصدر تشبيهي لأخرجنا. ﴿وأورثنا بني إسرائيل﴾ أي : ملكناها إياهم، على طريقة تمليك مال الموروث للوارث ؛ لأنهم ملكوها من حين خروج أربابها عنها قبل أن يقبضوها. وعن الحسن : لما عبروا النهر رجعوا، وأخذوا ديارهم وأموالهم. هـ. قال ابن جزي : لم يذكر في التواريخ مُلك بني إسرائيل لمصر، وإنما المعروف أنهم ملكوا الشام، فتأويله على هذا : أورثناهم مثل ذلك بالشام. هـ. قلت : بل التحقيق أنهم ملكوا التصرف في مصر، ووصلت حكومتهم إليها، ولم يرجعوا إليها. والله تعالى أعلم.
الإشارة : لا ينتصر نبيّ ولا وليّ إلا بعد أن يهاجر من وطنه ؛ سُنّة الله التي قد خلت من قبل، ولن تجد لسُنَّة الله تبديلاً، والنصرة مقرونة مع الذلة والقلة ؛ ﴿ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة﴾. وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٦٣
يقول الحق جل جلاله :﴿فأَتْبَعُوهم﴾ أي : فأتبع فرعونُ وقومُه بني إسرائيل، أي : لحقوا بهم، وقرئ بشد التاء، على الأصل، ﴿مُشْرِقين﴾ ؛ داخلين في وقت شروق الشمس، أي : طلوعها، ﴿فلما تراءى الجمعان﴾ أي : تقابلا، بحيث يرى كلُّ فريقٍ صاحبَه، أي : بنو إسرائيل والقبط، ﴿قال أصحابُ موسى إنا لمدْرَكون﴾ أي : قرب أن يلحقنا عدونا، وأمامنا البحر، ﴿قال﴾ موسى عليه السلام ؛ ثقة بوعد ربه :﴿كلاَّ﴾ ارتدعوا عن سوء الظن بالله، فلن يُدرككم أبداً، ﴿إنَّ معي ربي سيهدين﴾ أي : سيهديني طريق النجاة منهم.
رُوي أن موسى عليه السلام لما انتهى إلى البحر هاجت الريح، والبحر يرمي بموج
١٦٤