مثل الجبال، فقال يُوشع عليه السلام : يا كليم الله، أين أُمرتَ، فقد غَشِيَنَا فرعونُ، والبحرُ أمامنا ؟ قال عليه السلام : ها هنا، فخاض يُوشع الماء، وضرب موسى بعصاه البحر، فكان ما كان، وقال الذي كان يكتم إيمانه ؛ يا مكلم الله أين أُمرتَ ؟ قال : ها هنا. فكبح فرسَه بلجامه، ثم أقحمه البحر، فرسب في الماء، وذهب القومُ يصنعون مثل ذلك، فلم يقدروا، فجعل موسى لا يدري كيف يصنع ؟ فأوحى الله إليه :﴿أن اضرب بعصاك البحر﴾، فضربه، فانفلق، فإذا الرجل واقف على فرسه، لم يبتلَّ لِبْدُه ولا سَرْجه.
وقال محمد بن حمزة : لما انتهى موسى إلى البحر، دعا، فقال : يا من كان قبل كل شيء، والمكوّن لكلّ شيء، والكائن بعد كلِّ شيء، اجعل لنا مخرجاً، فأوحى الله إليه : أن اضرب بعصاك البحر، وذلك قوله تعالى :﴿فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحرَ﴾ أي : القلزم، أو النيل، ﴿فانفلق﴾ أي : فضرب فانفلق وانشقَّ، فصار اثني عشر فرقاً، على عدد الأسباط. ﴿فكان كلُّ فِرْقٍ﴾ أي : جزء من الماء ﴿كالطَّوْدِ﴾ : كالجبل المنطاد في السماء ﴿العظيم﴾، وبين تلك الجبال من الماء مسالك، بأن صار الماء مكفوفاً كالجامد، وما بينها يَبَس، فدخل كل سبط في شعْبٍ منها.
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٦٤
وأَزْلَفْنَا﴾
أي : قَرَّبْنَا ﴿ثَمَّ الآخرين﴾ أي : فرعون وقومه، حتى دخلوا على أثرهم مداخلهم، ﴿وأنجينا موسى ومَن معه أجمعين﴾ من الغرق ؛ بحفظ البحر على تلك الهيئة، حتى عبروه، ﴿ثُمَّ أغرقنا الآخرين﴾ ؛ بإطباقه عليهم. قال النسفي : وفيه إبطالُ القول بتأثير الكواكب في الآجال وغيرها من الحوادث، فإنهم اجتمعوا في الهلاك، على اختلاف طوالعهم. رُوي أن جبريل عليه السلام كان بين بني إسرائيل وبين آل فرعون، فكان يقول لبني إسرائيل : ليلحق آخركم بأولكم، ويستقبل القبط فيقول : رويدكم، ليلحَق آخركم. هـ.


الصفحة التالية
Icon