﴿إنَّ في ذلك لآيةً﴾ أي : في جميع ما فصّل ؛ مما صدر عن موسى عليه السلام، وما ظهر على يديه من المعجزات القاهرة، وفيما فعل فرعونُ وقومه ؛ من الأفعال والأقوال، وما فُعل بهم من العذاب والنكال، لعبرة عظيمة، لا تكاد تُوصف، موجبة لأن يعتبر المعتبرون، ويقيسوا شأن النبي ﷺ بشأن موسى عليه السلام، وحال أنفسهم بحال أولئك المهلكين، ويجتنبوا تعاطي ما كانوا يتعاطونه من الكفر والمعاصي ومخالفة الرسول، فيؤمنوا بالله تعالى ويطيعوا رسوله، كي لا يحل بهم ما حلّ بأولئك، أو : إن فيما فُصل من القصة ؛ من حيث حكايته عليه السلام إياها على ما هي عليه، من غير أن يسمعها من أحد، لآية عظيمة دالة على ان ذلك بطريق الوحي الصادق، موجبة للإيمان بالله تعالى،
١٦٥
وتصديق من جاء بها وطاعته. ﴿وما كان أكثرُهُم مؤمنين﴾ أي : وما كان اكثر هؤلاء المكذبين الذين سمعوا قِصَصهم منه - عليه الصلاة والسلام - مؤمنين، فلم يقيسوا حاله ﷺ بحال موسى، وحال أنفسهم بحال أولئك المهلَكين، ولم يتدبروا في حكايته ﷺ لقصتهم من غير أن يسمعها من أحد، مع كونه أمياً لا يقرأ، وكل من الطريقين مما يؤدي إلى الإيمان، قطعاً لانهماكهم في الغفلة، فكان ؛ على هذا، زائدة، كما هو رأي سيبوبه، فيكون قوله تعالى :﴿وَمَآ أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يوسف : ١٠٣] وهو إخبار منه تعالى بعدم إيمانهم في المستقبل، أو : وما كان أكثر أهل مصر مؤمنين بموسى عليه السلام، قال مقاتل : لم يؤمن من أهل مصر غير رجل وامرأتين ؛ حزيقل المؤمن من آل فرعون، وآسية امرأة فرعون، ومريم بنت ياموشى، التي دَلَّتْ على عظام يوسف. هـ.


الصفحة التالية
Icon