﴿وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ﴾ أي : اجعلني وارثاً من ورثة جنة النعيم، أي : الباقين فيها، ﴿واغفرْ لأبي﴾، أي : اجعله أهلاً للمغفرة، بإعطاء الإسلام ؛ ﴿إنه كان من الضالين﴾ : الكافرين، أو : اغفر له على حاله. وكان قبل النهي. ﴿ولا تُخزني يوم يُبعثون﴾ أي : لا تُهنِّي يوم يبعثون. الضمير للعباد ؛ لأنه معلوم، أو : للضالين، أي : لا تخزني في أبي يوم البعث، وهذا من جملة الاستغفار لأبيه، وكان قبل النهي عنه، أي : لا تُهِنِّي، ﴿يوم لا ينفعُ مالٌ ولا بنونَ﴾، أي : لا ينفع فيه مال، وإن كان مصروفاً في وجوه البر، ولا بنون، وإن كانوا صُلحاء متأهلين للشفاعة، ﴿إلا من أتى الله بقلبٍ سليمٍ﴾ من الكفر والنفاق ؛ فإنه ينفعه ماله المصروف في طاعة الله، ويشفع فيه بنوه، إن تأهلوا للشفاعة، بأن أَدَّبَهُمْ ودرَّجهم إلى اكتساب الكمالات والفضائل.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٧٠
وقال ابنُ المسيَبِ : القلب السليم هو قلب المؤمن ؛ فإن قلب الكافر والمنافق مريض ؛ قال الله تعالى :﴿فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ [البقرة : ١٠]. وقال أبو عثمان : هو القلب الخالي من البدعة، المطمئن على السنة. وقال الحسن بن الفضل : سليم من آفات المال، والبنين والله تعالى أعلم.
١٧٠
الإشارة : قد استعمل إبراهيم عليه السلام الأدب، الذي هو عمدة الصوفية، حيث قدّم الثناء قبل الطلب، وهو مأخوذ من ترتيب فاتحة الكتاب. وقوله تعالى :﴿ربِّ هبْ لي حُكماً﴾ : قال القشيري : أي : على نفسي أولاً، فإن من لا حُكْم له على نَفْسِه لا حُكْمَ له على غيره، ﴿وألحقني بالصالحين﴾ ؛ بالقيام بحقك، دون الرجوع إلى طلب الاستقلال لنفسي دون حقك. هـ.


الصفحة التالية
Icon