قال المحشي : وينظر لما قاله العلماء، وبه الفتوى، قوله :﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ [التوبة : ١١٤]، وينظر للسان الإشارة شفاعته له يوم القيامة، وتكلمه فيه بقوله :(وأيُّ خِزْيٍ أعظم من كون أبي في النار...) الحديث، وكذا قوله :﴿وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [إبراهيم : ٣٦]، وجاء ذلك من استغراقه في بحر الرحمة، على سعة
١٧١
العلم، ومثله استغفار نبينا ﷺ لابن أُبَيّ، وصلاته عليه، وانظر الطيبي في آية :﴿وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً﴾ [غافر : ٧]. هـ.
وقوله تعالى :﴿إلا من أتى الله بقلب سليم﴾، أظهر ما قيل في القلب السليم : أنه السالم من الشكوك والأوهام، والخواطر الردية، ومن الأمراض القلبية، ولا يتحقق له هذا إلا بصحبة شيخ كامل، يُخرجه من الأوصاف البشرية، إلى الأوصاف الروحانية، ويحققه بالحضرة القدسية، وإلا بقي مريضاً، حتى يلقى الله بقلب سقيم. وفي الإحياء : السعادة منوطة بسلامة القلب من عوارض الدنيا، والجودُ بالمال من عوارض الدنيا، فشرط القلب أن يكون سليماً بينهما، أي : لا يكون ملتفتاً إلى المال، ولا يكون حريصاً على إمساكه، ولا حريصاً على إنفاقه ؛ فإن الحريصَ على الإنفاق مصروفُ القلب إلى الإنفاق، كما أن الحريص على الإمساك مصروف القلب إلى الإمساك. وكان كمال القلب أن يصفو من الوصفين جميعاً. وقال الداراني : القلب السليم هو الذي ليس فيه غير الله تعالى. هـ. وقال الجنيد رضي الله عنه : السليم في اللغة : اللديغ، فمعناه : كاللديغ من خوف الله تعالى. هـ. وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٧٠
قلت :(وأُزلفت) : عطف على (ينفع)، وصيغة الماضي فيها وفيما بعدها ؛ لتحقق الوقوع.


الصفحة التالية
Icon