﴿وإِن ربك لهو العزيزُ الرحيمُ﴾ أي : هو القادر على تعجيل العقوبة لقومك، ولكنه يمهلهم بحلمه ورحمته ؛ ليؤمن بعض منهم أو من ذريتهم. وبالله التوفيق.
الإشارة : وأُزلفت جنة المعارف للمتقين السِّوى، وبرزت جحيم القطيعة للغاوين، المتبعين الهوى. وفي الحِكَم :" لا يُخَافُ أن تلتبس الطرقُ عليك، إنما يُخَافُ من غلبة الهوى عليك " وقيل لأهل الهوى : أين ما كنتم تعبدون من دون الله، من الحاملين لكم على البقاء مع الحظوظ والشهوات، هل ينصروكم أو ينتصرون ؟ فكُبكبوا في الحضيض الأسفل، هم والغاوون لهم، الذين منعوهم من الدخول في حضرة الأولياء، وجنود إبليس أجمعون. قالوا - وهم في غم الحجاب ونار القطيهة يختصمون - : تالله إن كنا لفي ضلال مبين، إذ نسويكم برب العالمين في المحبة والميل، وما أضلنا إلا المجرمون، الذين
١٧٤
حكموا بقطع التربية على الدوام، وسدوا الباب في وجوه الرجال، فما لنا من شافعين، ولا صديق حميم، يشفع لنا حتى نلتحق بالمقربين. هيات لا يكون اللحوق بهم إلا بالدخول معهم، في مقام المجاهدة في دار الدنيا، ثم يتمنون الرجوع ؛ ليُصدِّقوا بهم، وينخرطوا في سلكهم، فلا يجدون له سبيلاً. وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٧٢
قلت : اسم الجمع واسم الجنس يُذكر ويُؤنث، كقوم، ورهط، وشجر.
يقول الحق جل جلاله :﴿كذبَتْ قومُ نوحٍ﴾، وهو نوح بن لامَك. قيل : وُلد في زمن آدم عليه السلام، قاله النسفي، وإنما قال :﴿المرسلين﴾، والمراد : نوح فقط ؛ لأن من كذَّب واحداً من الرسل فقد كذب الجميع، لاتفاقهم في الدعوة إلى الإيمان، لأن كل رسول يدعو الناس إلى الإيمان بجميع الرسل. وقد يُراد بالجمع : الواحد ؛ كقولك : فلان يركب الخيل، ويلبس البرود، وماله إلا فرس واحد وبُرد واحد.


الصفحة التالية
Icon